تزايد جرائم قتل النساء في تونس وسط دعوات للدولة إلى التحرك
ودعا المحتجون إلى تفعيل خطة طوارئ تقاوم مختلف أشكال العنف ضد النساء، مشيرين إلى النتائج المحدودة للقانون عدد 58 سنة 2007، بسبب ضعف تطبيقه داخل المحاكم و لدى الجهات الأمنية.
واعتبرت المنظمات النسائية في بيان لها أن “قتل النساء ليس إلا نتيجة حتمية لقصور الدولة عن حماية مواطناتها وتواطئها مع حلقات العنف المتكررة، خاصة وأن جل النساء الضحايا كنّ قد التجأن، قبل أن يلقين حتفهن، إلى السلطات المعنية طلبا للحماية”.
ويقول متابعون أنه رغم تطور تشريعات تمكين وحماية النساء في تونس، إلا أن ضعف تطبيقها على أرض الواقع انتهى إلى ارتفاع منسوب العنف ضد النساء في السنوات الأخيرة وتكرر حدوث أقصى شكل له ممثلا في جرائم القتل.
صورة قاتمة
تكشف الأرقام وقوع ضحايا كثيرات في تونس، خلال شهر رمضان، حيث قتلت ثلاث زوجات على أيدي أزواجهن في محافظات متفرقة من البلاد، سواء طعنا بآلة حادة أو خنقا.
وصلت حصيلة ضحايا جرائم قتل النساء في 15 من أبريل الماضي إلى 9 نساء منذ بداية العام الحالي وفق جمعية أصوات نساء.
أشارت تقارير سابقة لمنظمات المجتمع المدني إلى أن عام 2022 شهد 15 حالة قتل للنساء.
قالت سارة بن سعيد، رئيسة جمعية أصوات نساء، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن جرائم قتل النساء تحولت إلى آفة تضرب المجتمع، مما دفع الناشطات للتحرك اليوم وإعلان الغضب تجاه كل ما تواجهه النساء.
واعتبرت الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، أن جرائم قتل النساء قد تبدو مجرد جريمة قتل ولكنها تخفي وراءها سلسلة من العنف المسلط على النساء ينتهي إلى القتل.
تبقى الأرقام المعلنة بخصوص هذه الجرائم غير كاملة، لانعدام الإحصائيات الرسمية والاكتفاء بجهود الهيئات المدنية في حصر الضحايا وتبني قضاياهن، خاصة أن مطالب الحماية لكثير من النساء المعنفات لم ينظر فيه القضاء، وبعضهن فقدن حياتهن في انتظار تدخل الدولة بالحماية و تطبيق القانون ضد المعتدين.
تؤكد الناشطة سارة بن سعيد، العزم على مواصلة النضال من أجل قضية استضعاف النساء لتطبيق التشريعات وحمايتهن من العنف الذي تزيد معدلاته خلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
من جهتها أكدت رئيسة جمعية المرأة والمواطنة بمحافظة الكاف، كريمة بريني، أنهن يعملن منذ قتل الضحية رفقة الشارني في 2021 بسلاح زوجها الشرطي، داخل الجمعية على تحسين حماية النساء، خاصة ضحايا العنف الزوجي.
واعتبرت البريني أن تحرك وزارة المرأة والأسرة الأخير بإعلان إجراء دراسة معمقة للوقوف على أسباب وملابسات جرائم قتل النساء يعتبر الأكثر جدية منذ سنوات.
وأكدت الناشطة النسوية أن عملهن في الميدان مهم، لكن لا يمكنه تعويض أجهزة الدولة في فهم الاختلالات التي حدثت داخل المجتمع وأدت إلى جرائم قتل النساء، خاصة وأن أغلبية المقتولات أشعرن السلطات بتعرضهن للعنف وطلبن الحماية قبل قتلهن.
جنازة رمزية
وأقامت الناشطات، جنازة رمزية لضحايا جرائم قتل النساء أمام مقر الحكومة ومقر وزارة العدل بالعاصمة لتنبيه السلطات الرسمية لمسؤولياتها في مكافحة العنف المسلّط على النساء ومطالبتها بإنهاء الإفلات من العقاب وتطبيق القانون بصرامة.
وطالبت المنظمات النسوية والمدافعة عن حقوق الإنسان، الدولة بوضع خطة وطنية لمناهضة العنف الزوجي والوقاية من جرائم قتل النساء، وبتطبيق القانون عدد 58 المؤرخ في عام 2017، الذي يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة ومتابعة تنفيذه وتعديله ليتضمن الإشارة لإدانة جرائم قتل النساء.
ويشار إلى أن وزراة المرأة والأسرة كانت قد استنكرت في وقت سابق تواتر جرائم قتل النساء من قبل أزواجهن بمعدل يزيد على حالة قتل شهريا تقريبا (15 جريمة في 2022).
الحاجة إلى تغيير العقليات
علقت أستاذة علم الاجتماع، نجاة العرعاري، في تصريحات للموقع أن غياب معطيات إحصائية عن قتل النساء هو تغييب لهذه الجرائم من قبل الدولة، منبهة إلى تفاقم الجرائم بالتزامن مع جائحة كورونا وإجراءات الحجر المنزلي والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة في البلاد.
واعتبرت أستاذة علم الاجتماع أن التطبيع مع العنف يعد من العوامل الأساسية لحدوث جرائم قتل النساء، إلى جانب عامل التربية التقليدية في الأوساط الاجتماعية التونسية التي تعطي الأولوية للأسرة على حساب ذات الفرد، وتطلب من المرأة من التضحية من أجل الأسرة والأبناء وقبول العنف.
تقول العرعاري إن جرائم قتل النساء لا تحدث من المرة الأولى، بل بعد سلسلة من العنف يتمادى فيها الشريك في استعمال العنف المعنوي والنفسي والمادي.
ودعت لتوعية المجتمع بخطورة الجريمة من الدولة والمجتمع المدني لتغيير العقليات حتى ترفض العنف الذي يدمر الأسر فتفقد المرأة حياتها بالموت والزوج بالسجن والأبناء بالتشرد.