اشتباكات السودان: ما هي منظمة “إيغاد” التي تحاول تسوية النزاعات في هذا البلد منذ عقود؟
في إطار جهود الوساطة المبذولة لوقف القتال في السودان، أعلن الجيش السوداني أن قائده الفريق عبد الفتاح البرهان تسلم مبادرة من منظمة “إيغاد” تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية، وأعطى موافقته المبدئية عليها.
وحسب الجيش السوداني، فإن المقترحات تضمنت تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، وإيفاد ممثلين عن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى جوبا عاصمة جنوب السودان.
ومن جانبه، قال ورقنا جبيهو، السكرتير العام لمنظمة إيغاد: “إنه على ثقة أن جهود المنظمة والمجتمع الدولي سوف تساعد في خفض حدة التصعيد”.
مبادرة إيغاد
طرحت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا إيغاد مبادرة “لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السوادنية”.
جاء ذلك خلال لقاء عثمان حسن بليل، رئيس بعثة “إيغاد” بالسودان، مع عضو مجلس السيادة بالسودان، سلمى عبد الجبار بالعاصمة الخرطوم، وذلك وفق بيان مجلس السيادة الانتقالي.
ووفق البيان: “اطلعت عضو مجلس السيادة بالسودان، سلمى عبد الجبار، على مبادرة المنظمة للمساهمة في تجاوز الراهن السياسي بالبلاد، واتجاه السكرتير العام للمنظمة ورقنا جبيهو لتبني مفاوضات مع أطراف العملية السياسية”.
وبحسب البيان، أكدت عبد الجبار “ترحيبها بالمبادرة، وثمنت دور المنظمة في ترسيخ دعائم الاستقرار والتنمية بدول الإيغاد”.
وإلى جانب استضافة محادثات مباشرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تخطط إيغاد إلى إرسال رؤساء 3 دول إفريقية إلى السودان في أقرب وقت ممكن لإجراء مصالحة بين طرفي الصراع هناك.
وقد وافقت إيغاد بالفعل على إرسال قادة كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى العاصمة السودانية الخرطوم.
كما دعت إيغاد إلى وقف فوري للأعمال العدائية بين الأطراف المتحاربة في السودان.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها إيغاد تسوية النزاعات في السودان. ففي عام 1993 طلب الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير وساطة إيغاد في قضية جنوب السودان، لأن كل مراكز دعم التمرد تتركز في تلك الدول وعلى الأخص في أوغندا وكينيا، وفي ذلك الوقت كانت أثيوبيا وإريتريا تناصر حكومة البشير.
كما سعت إيغاد في عام 2003 إلى العمل على إيجاد تسوية للحرب في دارفور. وبعد انفصال الجنوب عام 2011، عملت إيغاد على تسوية النزاعات في دولة جنوب السودان.
ومنذ الإطاحة بحكم البشير عام 2019، تحاول إيغاد تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف في السودان، وتسوية أزمة اقتسام السلطة بين العسكريين والمدنيين بشكل يضمن الوصول في النهاية إلى حكم مدني في البلاد.
لكن ما هي منظمة الإيغاد التي تحاول تسوية النزاع؟
“إيغاد” منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلًا من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
ويقول الموقع الرسمي للمنظمة إنه تم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية إيغاد (IGAD)في شرق إفريقيا في عام 1996 لتحل محل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالجفاف والتنمية إيغاد (IGADD) التي تأسست عام 1986 للتخفيف من آثار الجفاف الشديد المتكرر والكوارث الطبيعية الأخرى التي أدت إلى انتشار المجاعة على نطاق واسع، وذلك فضلا عن التدهور البيئي والصعوبات الاقتصادية في المنطقة.
وقد اتخذت جيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان وأوغندا إجراءات من خلال الأمم المتحدة لإنشاء هيئة حكومية دولية للتنمية ومكافحة الجفاف في منطقتهم.
وأصبحت إريتريا العضو السابع بعد حصولها على الاستقلال في عام 1993، وفي عام 2011 انضمت دولة جنوب السودان إلى الإيغاد بوصفها العضو الثامن.
تحديات
مع التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي بزغت في كل أنحاء العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واندلاع نزاعات إقليمية، قرر مؤتمر رؤساء الدول والحكومات المنعقد في أديس أبابا في أبريل/ نيسان من عام 1995، تنشيط “إيغاد” وتوسيع مجالات التعاون بين الدول الأعضاء.
فتم إطلاق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) خلال القمة الخامسة لجمعية رؤساء دول وحكومات الدول التي عقدت في الفترة من 25 إلى 26 تشرين الثاني / نوفمبر 1996 في جيبوتي، وقد اتخذت الهيئة من جيبوتي مقرا لها.
وأيدت القمة قرار تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات ذات أولوية هي الأمن الغذائي وحماية البيئة، والتعاون الاقتصادي، والتكامل الإقليمي، والتنمية الاجتماعية، والسلام والأمن.
مساحة منطقة الإيغاد
تمتد منطقة الإيغاد على مساحة تبلغ 5.2 مليون كيلومتر مربع، وتضم دول جيبوتي، وإريتريا، وإثيوبيا، وكينيا، والصومال، وجنوب السودان، والسودان، وأوغندا.
كما يبلغ عدد سكانها 230 مليون نسمة. وتملك حوالي 6960 كيلو مترا من السواحل مع المحيط الهندي وخليج عدن وخليج تاجورة والبحر الأحمر.
كما أن منطقة إيغاد لديها ما مجموعه 6910 كيلو مترات من الحدود الدولية مع مصر وليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وتنزانيا.
ويذكر أن حوالي 70 في المئة من منطقة إيغاد عبارة عنأراض قاحلة، أو شبه قاحلة، التي تتلقى أقل من 600 مليمتر من الأمطار سنويا.
ويوجد في باقي المنطقة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنظمة المناخية، والبيئات الطبيعية، بما في ذلك المرتفعات الباردة ومناطق المستنقعات والغابات الاستوائية المطيرة وغيرها من الميزات النموذجية للمنطقة الاستوائية.
وعلاوة على ذلك، تمتلك المنطقة أنظمة بيئية متنوعة ومناطق إيكولوجية زراعية على ارتفاعات مختلفة تتراوح من 150 مترًا تحت مستوى سطح البحر في دالول إلى حوالي 4600 متر فوق مستوى سطح البحر في جبل كينيا.
من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، تصنف معظم الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في خانة البلدان الأقل نموا في العالم وتنتشر في هذه الدول مجموعات عرقية واجتماعية متشابهة، مما قد يمثل فرصة جيدة للتكامل الإقليمي، إذا تم استغلالها بشكل مناسب.