صندوق أممي للسكان يستعرض جهود النهوض بالصحة الإنجابية وتمكين المرأة
بمشاركة أطياف مختلفة تمثل جمعيات مغربية، عقد صندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب لقاء على شكل ورشة للتواصل والتحسيس والتشاور مع الهيئات المدنية الشريكة، بغرض “التوعية والتبادل بشأن مجالات عمل وتقييم مدى تنفيذ التزامات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية” (CIPD) الذي انعقد بالقاهرة قبل حوالي عشرين سنة (1994).
لويس مورا، الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب، قال في كلمة بالمناسبة إن “المؤتمر الدولي للسكان والتنمية سيحتفل العام المقبل 2024 بالذكرى الثلاثين لتأسيسه”، مؤكدا أن “السنة التي تسبقها (أي 2023) ستكون عاماً لتقييم الإنجازات التي تم تحقيقها من أجل تحقيق أهداف برنامج عمل مؤتمر القاهرة، على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق المعتمدة في قمة نيروبي في شتنبر 2019 لتسريع الوعود التي تم الوفاء بها”.
ويجمع “برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية” المجتمع الدولي لتحقيق “توافق جديد في الآراء بشأن الاستجابة للنمو السكاني المتصاعد”، وفق مورا، الذي أكد أنه حدث وازن “أثبت بوضوح أن حقوق الأفراد وكرامتهم هي أفضل طريقة لتنفيذ أهدافهم الخاصة في مجال الخصوبة والإنجاب، وهي أكثر فعالية بكثير من الأهداف العالمية المحددة كمِّيّاً؛ ناهيك عن إقرار الحكومات بأن هذه الحقوق أساسية للتنمية العالمية”.
وعلى وجه الخصوص، يضيف المتحدث في كلمته أمام فاعلي المجتمع المدني في مجال المرأة والسكان والتنمية، فإن برنامج العمل ذاته دعا إلى “توفير الرعاية الصحية الإنجابية الشاملة للجميع، بما في ذلك التنظيم الطوعي للأسرة والحمل الآمن، فضلا عن خدمات الولادة، والوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي وعلاجها”.
ونوّه الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب، في معرض حديثه، بمجهودات وعمل “منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والخبراء الذين انضموا اليوم إلينا في هذا اللقاء”، موردا أنهم ينهضون بـ”دور جد نشيط في العمل من أجل تحقيق أهداف برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالنسبة للمغرب باعتباره دولة طرفاً شاركت في المؤتمر”.
وذهب مورا إلى إقامة “ترابط واضح” بين “الصحة الإنجابية وتمكين المرأة”، معتبراً أن “كلاهما ضروري لرفاه وازدهار جميع الشعوب”، وزاد بهذا الشأن: “رصدنا تحسّنا كبيرا في الوصول الطوعي إلى وسائل منع الحمل الحديثة ونوعية تنظيم الأسرة منذ 1994. كما انخفضت وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، واتخذت إجراءات واسعة النطاق لإنهاء الممارسات الضارة ضد النساء والفتيات، مثل زواج الأطفال”.
ومع ذلك، استدرك المسؤول الأممي ممثل صندوق السكان، بالقول: “مازالت مئات الملايين من النساء لا يستخدمن وسائل منع الحمل الحديثة لمنع الحمل غير المرغوب فيه، ووفيات النِّفاس التي يمكن الوقاية منها، والعنف والممارسات الضارة ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، مستمرة”.
وفي مؤتمر قمة نيروبي 2019 “تم التعهد بأكثر من 1300 التزام بتعبئة العمل، مع تحديد 12 التزاما عالميا بإكمال جدول أعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية”.
على صعيد المغرب، ولتنفيذ هذه الالتزامات الدولية، شدد لورا على أنه “يجري اتخاذ عدة إجراءات مع الشركاء المؤسساتيين ومع منظمات المجتمع المدني”، مستحضرا ما تم في يونيو 2021 من إطلاق “الائتلاف الأول لحقوق الصحة الجنسية والإنجابية والمساواة بين الجنسين في المغرب”.
وأطلق هذا الائتلاف من منظمات المجتمع المدني، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، “مبادرة لتعزيز الحقوق الإنجابية والمساواة بين الجنسين”، كتعبير عن المشاركة والالتزام المتواصلَيْن للمغرب بمخرجات مؤتمر قمة نيروبي التاريخية المعنية بالسكان والتنمية”.
تعهد بدعم جهود المغرب
في تصريح لهسبريس على هامش اللقاء أكد المسؤول الأممي أنه “لقاء بغاية تعزيز الحوار والتبادل والتكامل والتعاون بين الإجراءات على أرض الواقع”، وزاد: “كما يتيح اجتماعنا اليوم تبادل المعلومات”، خالصا إلى تعهد صندوق الأمم المتحدة للسكان بمواصلة دعم “جميع الجهود المغربية الرامية إلى تمكين جميع النساء والفتيات من إعمال حقوقهن ودفع عجلة التنمية المستدامة”.
من جهتها، عبّرت نادية بزاد، رئيسة “المنظمة الإفريقية لمكافحة السيدا والصحة الجنسية والإنجابية”، المختصة في الأمراض الجنسية والتناسلية، عن التزام جمعيات المجتمع المدني بدعم جهود الصندوق الأممي للسكان في تمكينه النساء المغربيات والنهوض بأوضاع صحتهنّ الإنجابية والجنسية.
وأكدت بزاد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “آخر وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة بالمغرب المعتمدة تتمثل في إبر يتم حقنها تحت الجلد”، موضحة أنها “وسيلة آمنة تنضاف إلى وسائل سابقة”، ولافتة إلى دور حاسم للمجتمع المدني في توعية الفئات الأكثر هشاشة لبلوغ كافة أهداف مؤتمر السكان والتنمية.
يشار إلى أن نائب ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب، عبد الإله يعقوبد، استعرض بشكل مفصل أمام ممثلي المجتمع المدني والأكاديميين الحاضرين مدى تقدم تنفيذ أهداف برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بعد حوالي عقدين على اعتمادها، مشددا على أن “المغرب قام بإنشاء لجنة وطنية للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية”.
كما تم الشروع في تنظيم حلقات عمل للتشاور وتعبئة أصحاب المصلحة المتعددين (الإدارات الحكومية والمجتمع المدني والبرلمانيون والشباب ووسائط الإعلام…) في أفق “إعداد التقرير الوطني”، والمشاركة في المؤتمر الإقليمي للسكان والتنمية.