الاشتباكات في السودان: ما تأثير فرار عدد من أركان نظام البشير من سجن كوبر على المواجهات؟
يشهد السودان منذ نحو أسبوعين اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع تخللتها هدن هشة لم تحل دون تواصل عمليات نزوح أعداد كبيرة من السكان هربا من القتال الذي أودى بحياة المئات.
إلا أن قطاعا من السودانيين أعرب عن قلقه حيال تطور أخر غير مرتبط بشكل مباشر بالاقتتال، إذ تواردت الأنباء عن فرار عدد من قادة النظام السابق من السجن الذي ظلوا محتجزين فيه منذ عام الإطاحة بحكم عمر البشير عام 2019.
ورغم تأكيد الجيش السوداني أن البشير وعددا من معاونيه محتجزون في مستشفى عسكري، لكن فرار فريق من أبرز مساعديه من سجن كوبر أذكى النقاشات السياسية الحادة بين السودانيين.
قائمة المسؤولين الذين تحدثت التقارير عن فرارهم ضمت علي عثمان طه، الذي شغل منصب نائب البشير، وعوض أحمد الجاز، الذي تولى مناصب وزارية عدة، وأحمد هارون المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور.
فرار أم خروج؟
الثلاثاء الماضي كان أشبه بالأيام التي سبقته في السودان، اشتباكات متقطعة وحديث عن جهود دولية لوقف القتال، لكن الساعات الأخيرة منه حملت تطورات جديدة مفاجئة.
ففي ظل تداول العديد من المقاطع المصورة التي تظهر فرار سجناء من سجون عدة في الخرطوم، أعلن أحمد هارون، المسؤول البارز السابق، في تسجيل صوتي أنه “غادر” سجن كوبر مع مسؤولين سابقين آخرين، مشيرا إلى أنهم “سيوفرون الحماية لأنفسهم”.
وقال هارون إنهم ظلوا طيلة تسعة أيام في السجن الذي تعرض للقصف وانقطعت عنه المياه والكهرباء، قبل أن يقرروا التحرك إلى خارج سجن كوبر، تحت حراسة محدودة من قوات الأمن.
حديث هارون عن خروج فرضته الظروف الميدانية ونفيه أن يكون الأمر فرارا، لم يكن هو ما أثار جل اهتمام السودانيين.
فالمسؤول الأمني السابق أعرب في التسجيل الصوتي عن دعمه للجيش السوداني الذي يخوض معركة “دفاعا عن الكرامة الوطنية” متهما قيادات قوات الدعم السريع بالسعي إلى تحقيق “مشروع شخصي”.
حديث هارون جدد النقاشات حول دور مزعوم لقيادات النظام السابق في إذكاء التوترات بين الجيش من جهة والقوى المدنية من جهة أخرى، بل والتسبب في الخصام بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
الجنجويد
يظهر تاريخ قادة طرفي الصراع المسلح في السودان ارتباطهم الوثيق بنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح بحكمه عقب انتفاضة شعبية كبيرة في عام 2019.
فقادة الجيش السوداني، ومن بينهم رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، هم من كانوا على رأس القوات المسلحة زمن البشير.
في المقابل فإن قصة صعود قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دنقلو الشهير بحميدتي، تظهر الكثير من التقارب مع نظام البشير.
فتاجر الأبل السابق تمكن من أن يكون من أبرز قادة جماعة الجنجويد التي واجهت المسلحين في دارفور خلال العقد الأول من القرن الجاري في ظل تقارير عن ارتكابها انتهاكات وحشية.
البشير أضفى الشرعية على الجنجويد بتسميتها “قوات الدعم السريع” وفق مرسوم رئاسي أصدره في عام 2013.
الإسلاميون المتطرفون
جاءت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم البشير وحزب المؤتمر الوطني ذي التوجهات الإسلامية في عام 2019 لتضع البرهان وحميدتي على رأس السلطة في السودان.
وشهدت الأعوام التي تلت الإطاحة بالبشير توترا بين العسكر والقوى السياسية التي تسعى إلى إقامة حكم مدني في السودان وهو ما تجسد في الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك عام 2021.
وبينما جاء التوصل إلى اتفاق بين الجيش وقوى مدنية عام 2022 حول خارطة مرحلة انتقالية ليحمل بعض الأمل إلى نفوس السودانيين الذين عانوا من انقسامات سياسية وتدهور في الأوضاع الاقتصادية، لكن التطورات اللاحقة أظهرت عمق الخلافات بين الكيانات الموجودة على الساحة السياسية.
وفي ظل الخلافات حول دمج قوات السريع في الجيش، بدأ قطاع من السودانيين يتحدث عن تقارب بين قادة الجيش ومسؤولين في النظام السابق الذين يعارضون التقارب مع القوى المدنية التي أطاحت بحكم البشير.
ويستشهد الفريق الذي يتحدث عن تقارب بين الجيش والنظام السابق بعودة مئات من الموظفين المعزولين إلى العمل في وظائف رفيعة بالبنك المركزي، والقضاء، والنيابة، والإعلام، والوزارات الحكومية.
إلا أن البرهان قال في إحدى خطبه إن القوات المسلحة “لن تسمح لأي فئة أن تعود من خلالها سواء المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية أو غيره. نحن جيش السودان”.
وجاءت الاشتباكات التي بدأت في منتصف الشهر الجاري لتعصف بكل الآمال حيال سودان مستقر يحكمه مدنيون.
وكان لافتا مع بدء الاشتباكات أن وصف حميدتي غريمه البرهان بالـ”الإسلامي المتطرف”، وهو الأمر الذي ينفيه قائد الجيش السوداني الذي يصف الدعم السريع بالقوات “المتمردة”
حميدتي سعى أيضا إلى تسويق نفسه بوصفه مناصرا للحكم المدني والتقارب مع الحركات السياسية التي أطاحت بالبشير عكس البرهان، إلا أن قائد الجيش يشدد دائما على تمسكه بتسليم الحكم إلى حكومة تمثل جميع السودانيين.
ما تأثير فرار أركان نظام البشير من السجن على الصراع في السودان؟
ما الذي يعنيه فرار قيادات من نظام البشير من السجن في هذا التوقيت؟
هل سيؤدي فرار قادة من نظام البشير من السجن إلى إحداث أي تغيير في حسابات القوى بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
كيف تنظرون إلى الاتهامات التي توجهها قوات الدعم السريع إلى قادة الجيش السوداني بأنهم متحالفون مع الإسلاميين الذي حكموا السودان لنحو 3 عقود؟
هل ترون أن إعلان قادة نظام البشير دعمهم للجيش يصب في مسلحة القوات المسلحة بقيادة عبد الفتاح البرهان أم أن الأمر سيزيد من رصيد حميدتي وقوات الدعم السريع؟
هل تتفقون مع القول بأن قيادات نظام البشير هي المسؤولة عما وصل إليه الأمر في السودان من تعثر المفاوضات بين الجيش والقوى المدنية؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 28 أبريل/ نيسان 2023
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب