موسى يترجم رحلة شاه إيران إلى عربستان
صدرت لأستاذ اللغة الفارسية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان عن دار نثر بمسقط ترجمة جديدة عن اللغة الفارسية حملت عنوان “رحلة شاه إيران إلى إمارة عربستان” لصاحبها رضا شاه بهلوي.
“عربستان”، وتسمى حاليا خوزستان، هي أرض عربية في جنوب إيران عاصمتها مدينة الأحواز وشعبها عربي، بحيث يشكل العرب الأغلبية الساحقة في هذا الإقليم الذي يحوي من الآثار والملامح والوجود ما يؤكد عروبة عربستان وأصالتها. وقد ظلت هذه التسمية مستمرة ومعروفة لدى الفرس والعرب والأتراك وحتى المستعمر الغربي، إلى أن احتل الإيرانيون هذا الإقليم عام 1925م وأعلنوا إلغاء اسم عربستان واستبداله باسم خوزستان.
نجح رضا خان، بفعل المؤامرات التي حاكتها بريطانيا ضد إمارة عربستان وتخليها عن حليفها الشيخ خزعل أمير الإقليم، في إحكام سيطرته على هذه الإمارة وإنهاء الحكم العربي فيها وضمها إلى مملكته بعد حروب خاضها ضد الشيخ خزعل وحلفائه من العشائر البختيارية واللورية.
توج رضا خان، في الخامس والعشرين من شهر أبريل من العام 1926م، شاها جديدا لإيران تحت مسمى رضا شاه بهلوي ومؤسسا عهد الأسرة الملكية البهلوية.
ألفت “رحلة رضا شاه بهلوي إلى عربستان” في العام 1924م، وتصنف هذه الرحلة ضمن أهم الوثائق التاريخية في العصر البهلوي (1925-1979م) الذي ترصد وقائع فترة انتقالية مهمة وحساسة في الحياة السياسية الإيرانية خلال القرن العشرين. هذه الرحلة، التي نشرت في ذلك العصر على نحو محدود، سوف تصبح من الوثائق المفقودة ولن ترى النور مجددا إلا في أواخر حكم محمد رضا شاه بهلوي (حكم: 1941-1979م).
تنتمي هذه الرحلة إلى صنف الرحلات الرسمية التي تشمل كلا من الرحلات التكليفية والإدارية والسفارية وغيرها، وتقف وراءها دوافع عديدة؛ منها استطلاع أخبار البلاد المجاورة، والقيام بأعمال التجسس، وأيضا الغزو والحروب.
هذه الرحلة تحظى بأهمية بالغة لكونها، أولا، تتمحور حول سفر مؤلفها شاه إيران رضا بهلوي من طهران إلى إقليم عربستان، مرورا بالعديد من المحافظات والمدن والقرى الإيرانية، وانتهاء بزيارة العتبات والمزارات الشيعية المعروفة في العراق؛ من قبيل الكاظمية وسامراء وكربلاء، ثم العودة مجددا إلى العاصمة الإيرانية طهران.
وقد تحدث رضا خان في هذه الرحلة عن مشاهداته، ووصف الأماكن التي مر بها، وذكر زياراته لبعض المعالم والآثار ولقاءه بالعلماء في كل من إيران والعراق. هذه الرحلة مشغولة بهمّ توثيقي بموازاة انشغالها بالشأن الجغرافي والسياسي والعسكري، وتمدنا بكم هائل من المعلومات التاريخية والجغرافية والسياسية والعسكرية، وتتخللها إشارات ومعلومات عن حياة الناس وعاداتهم في المدن والقرى والجبال والبحر والأودية التي مر بها صاحب الرحلة.
هذه الرحلة تستحق الترجمة أيضا لأن الحقبة التاريخية التي حدثت فيها تغطي مقطعا تاريخيا حرجا وخطيرا من تاريخ إيران، يمتد من نهاية الدولة القاجارية (1785-1925م) وانقلاب 1921م، إلى نهاية عام 1924م حيث تبدأ مرحلة التأسيس لملكية جديدة. كما تتناول قضية حساسة ومهمة في تاريخ الخليج العربي بل في تاريخ العرب الحديث، ألا وهي قضية إقليم عربستان. وهي القضية التي تفجرت إبان الاحتلال الإيراني نتيجة للحرب التي شنها مؤلف هذه الرحلة قبل وصوله إلى عرش إيران، ضد الشيخ خزعل الكعبي أمير إمارة عربستان.
إن أهمية إقليم عربستان الاستراتيجية وغناه الطبيعي وثرواته النفطية كلها عوامل جعلت منه مطمعا للقوى الأجنبية التي احتد التنافس بينها من أجل وضع اليد على هذه الإمارة؛ غير أن المصالح الدولية المتغيرة ومؤامرة البريطانيين ودعمهم لرضا خان تواطأت لتقدم هذه الإمارة لقمة سائغة للإيرانيين، الذين ضموها إلى بلادهم قسرا في العام 1925م.