“الأرصاد” تفسر موجات الحرارة المفرطة وسط تحذيرات من تضرر الزراعات
تحذير جديد من الأرصاد الجوية ينذر بموجة حر “غير اعتيادية” تجتاح طيلة أيام هذا الأسبوع عددا من أقاليم المغرب، لا سيما بالوسط والجنوب والجنوب الشرقي، متجاوزة الأربعين درجة مئوية في بعض المناطق.
ومنذ شهر مارس المنصرم الذي شحت فيه الأمطار من السماء، تتوالى موجات حرارة خلال هذه الفترة الربيعية من السنة التي من المفترض في العادة أن تشهد اعتدالا وتوازنا في حالة الطقس.
موجات الحرارة، خلال مستهل ووسط فصل الربيع، لم تتوقف عن إثارة “مخاوف جدية” في الأوساط الفلاحية بالمغرب، لا سيما مع شح الأمطار طيلة شهر مارس المنقضي، قبل أن يعقُبه شهر أبريل بمعدلات حرارة مفرطة. ينضاف إلى “شبح العطش أو خفض صبيب الماء الشروب” بعدد من حواضر وقرى المملكة تزامنا مع الصيف القادم.
“ابتداء من يوم الثلاثاء 25 أبريل الجاري وإلى غاية يوم الجمعة المقبل، ستعرف الحالة الجوية ارتفاعا ملموسا في درجات الحرارة خصوصا بجنوب ووسط والجنوب– الشرقي للبلاد، وكذا بالمناطق الداخلية لشمال ووسط البلاد؛ إذ من المرتقب أن تتجاوز درجات الحرارة المرتقبة المعدل الموسمي بـ5 إلى 12 درجات”، التأكيد هنا رسميا على لسان الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية بالمغرب (التابعة لوزارة التجهيز والماء).
“منخفَض صحراوي بكتل حارة”
وعن أسباب ارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الأيام الربيعية، سجل يوعابد، في إفادة خاصة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الارتفاع في درجات الحرارة يُعزى إلى نشاط المنخفَض الصحراوي وامتداده نحو جنوب البلاد، مما يعمل على صعود كتل هوائية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى نحو جنوب ووسط وجنوب شرق البلاد”، مشددا على أنها “ستنتقل تدريجا إلى السهول الداخلية لشمال البلاد؛ مما سينتج عنه ارتفاع محسوس في درجات الحرارة مع طقس حار بمعظم مناطق البلاد، خصوصا يومي الأربعاء والخميس حيث ستبلغ الحرارة ذروتها”.
وتترقب مصالح الأرصاد الجوية المغربية “من الثلاثاء إلى الجمعة تسجيل درجات حرارة عليا تتراوح ما بين ما بين 41 و44 درجة من بكل سوس شرق أقاليمنا الجنوبية وجنوب-شرق البلاد خاصة مناطق تارودانت وإنزكان أيت ملول وأكادير إداوتنان واشتوكة أيت باها وتيزنيت وطاطا وآسا الزاك وكلميم والسمارة وطانطان وسيدي سليمان وسيدي قاسم”.
هذا بينما “ستتراوح ما بين 37 و41 درجة، بكل بالمناطق الداخلية لشمال البلاد، سايس هضاب الفوسفاط، ولماس، سهول تادلة، الحوز والرحامنة، بالإضافة إلى شيشاوة والمناطق الداخلية للشاوية–عبدة والغرب واللوكوس–العرائش”، وفق المصدر ذاته.
الظاهرة الجوية الاستثنائية من حيث الحرارة المرتفعة من المتوقع أن تتخلل -كذلك– مدن وأقاليم “وزان، ومكناس، وفاس، ومولاي يعقوب، وتاونات، والخميسات، والقنيطرة، وخريبكة، وسطات، وبن سليمان، وسيدي بنور، وبني ملال، والفقيه بن صالح، وشيشاوة، وقلعة السراغنة، والرحامنة، ومراكش، وآسفي، واليوسفية”.
“ومن المرتقب أن تتراجع درجات الحرارة تدريجيا ابتداء من يوم السبت 29 أبريل”، أكد يوعابد في حديثه لـ هسبريس، مذكرا بما عرفته درجات الحرارة من “انخفاض تدريجي بدءا من أول أيام شهر أبريل 2023، بعد موجة حر أواخر مارس المنصرم، إذ استمر الطقس الحار نسبيا فوق كل من السهول الممتدة غرب الأطلس، داخل الأقاليم الجنوبية وكذا بمنطقة سوس”.
وأوصت “الأرصاد” قاطني المناطق التي تشملها الموجة الحرارية بـ”التزام الحيطة والحذر والحرص على شرب الماء والسوائل، وعدم التعرض كثيرا لأشعة الشمس مباشرة، خصوصا خلال فترة الظهيرة، مع اللجوء إلى الظل ما أمكن، فضلا عن ضرورة الانتباه إلى الأطفال والمُسنين والمرضى باعتبارهم فئات هشة”.
“مزروعات الربيع” في خطر؟
أجمع خبراء ومتابعون للشأن الفلاحي والتنمية القروية بالمغرب، أحدهم أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، على أن “المزروعات الربيعية ستكون من بين أكبر المتضررين من موجات حرارة متتالية في الزمان والمكان، طيلة شهرَي مارس وأبريل من هذه السنة”.
وقال الأستاذ المختص، الذي تحدث لجريدة هسبريس راغبا في عدم كشف هويته، إنه “لا يمكن إنكار حقيقة ساطعة مفادها أن المغرب يشهد وضعا فلاحيا –وبالتبَعِ له مائيا– صعبا جدا عشية تنظيم تظاهرة فلاحية كبرى بالمملكة هي الملتقى الدولي للفلاحة بمدينة مكناس الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى بضعة أيام”.
وقرع الخبير الفلاحي ذاته “جرس إنذار بخصوص وضعية العالم القروي الذي ظل يعاني مع ساكنته في صمت طيلة عامين متتابعين من الجفاف وشح وعدم انتظام التساقطات”، مستندا في ذلك إلى ما وصفها بـ”مؤشرات مقلقة لا تخطئها عيون المتابعين”.
كما سبق للخبير المناخي محمد بنعبو أن حذر، في أكثر من تصريح لهسبريس، من أن “هذا الارتفاع غير المعتاد في فصل الربيع ظاهرة غير جيدة”، سيكون لها تأثير سلبي على المياه السطحية، عبر تبخرها السريع، فضلا عن التأثير على مجموعة من النباتات والمزروعات.
وأفاد بنعبو: “المغرب في حاجة في هذه الظرفية إلى أمطار أخرى من أجل إعطاء الانطلاقة لبرنامج الزراعات الربيعية”، مشيرا إلى أن هذه الزراعات تنطلق عادة في شهر مارس وتنتهي في شهر يونيو وتحتاج بشكل كبير إلى الأمطار. كما أن مجموعة من المزروعات، في مقدمتها القمح والشعير، تحتاج إلى الأمطار من أجل استقواء نباتها”.
“هذه الحرارة تؤثر سلبيا على مجموعة من المزروعات وفي الوقت نفسه تسرع من عملية إزهار مجموعة من الأشجار، علما أن هذه العملية ينبغي أن تسير بشكل تدريجي تحت درجة حرارة معتدلة”، خلص الخبير المناخي ذاته.