مختص في علم النفس يبرز العلاقة بين الغلاء وتراجع الإحساس بفرحة العيد
في وقت تجنّد الآباء والأمهات، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان المنصرم، من أجل شراء “كسوة العيد” لهم ولأطفالهم وذويهم، سيرا على العادة التي يتمسك بها المغاربة في مثل هذه المناسبات السنوية، عبّرت فئة من الأسر الفقيرة عن أسفها لعدم قدرتها على توفير متطلبات الأبناء بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.
ونشرت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات يعبّر أصحابها عن عجزهم عن إدخال الفرحة على أسرهم، مؤكدين أن الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها حالت دون تمكنهم من تحقيق الفرح بعيد الفطر بالشكل الذي دأبوا عليه منذ سنوات طويلة، إذ عجزوا عن تلبية حاجيات أسرهم أو حتى السفر لصلة أرحامهم.
وفي هذا السياق، قال محسن بنزاكور، أستاذ مختص في علم النفس الاجتماعي، إن “غلاء المعيشة، مع ارتفاع أسعار السلع والملابس وحاجيات العيد، تؤثر بشكل واضح في الإحساس بالفرح بعيد الفطر”، مضيفا: “قد نذهب إلى أبعد من ذلك حين نستحضر المؤشر القوي الصادر عن مديرية التجهيزات والطرق الذي يؤكد تراجع الإقبال على السفر بالمحطة الطرقية أولاد زياد بالعاصمة الاقتصادية للمغرب”.
ووصف بنزاكور هذا التراجع بـ”أكبر ضربة للفرحة المغربية بالعيد”، موضحا أن “التعبير عن السعادة والفرح بعيد الفطر لدى فئة عريضة من المغاربة يرتبط أساسا بالسفر والالتحاق بالأسر؛ لكن خلال عيد الفطر لهذه السنة تراجع الإقبال على المحطات الطرقية بشكل لم يسبق أن سُجّل طيلة العقود الماضية، وهذا راجع إلى غلاء المعيشة والظروف القاهرة التي يعيشها عدد مهم من المغاربة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “المواطن المغربي المنتمي إلى الطبقة الاجتماعية التي تحرص على زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء خلال المناسبات الدينية هو الذي سيحس فعلا بالأزمة وسيعيشها بكل مستوياتها، بعدما عانى قبل العيد من صعوبات في متابعة وتوفير حاجباته الحياة اليومية”.
ونبّه الأستاذ المختص في علم النفس الاجتماعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “المعطيات المذكورة تؤكّد أن المؤشر الاقتصادي المرتبط بالتضخم ساهم في تراجع الإحساس بالفرح بالعيد لدى فئة واسعة من الأسر المغربية”.
وبالإضافة إلى غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وضعف الإقبال على السفر، قال محسن بنزاكور: “يمكن أيضا الحديث عن مؤشر آخر يهمّ استهلاك الحلويات خلال هذه المناسبات، وأنا متأكد أن الإقبال عليها سيكون ضعيفا مقارنة مع الأعياد السابقة. ونحن نعي جيّدا أنه ‘لا عيد بدون حلويات’، لكن الظروف الحالية تؤثر سلبا على هذه الجوانب الاجتماعية في حياة المغاربة”.
وختم الأستاذ المختص في علم النفس الاجتماعي توضيحاته بالتأكيد على أن “المؤشرات المذكورة ساهمت في تراجع الإحساس بالفرح بالعيد، لكن السعادة الدينية تكون حاضرة بحكم أن المسلمين يسعدون بإتمام شهر الصيام، لكنه ليس الفرح الذي يرتبط أيضا بالتقاليد والعادات المغربية وصلة الرحم… التي ستغيب خلال هذا العيد”.