“رسائل في التحاب” تتحدث العربية بعد 18 سنة من التداول باللغات الأعجمية
“رسائل في التحاب” بين مغربيين وجدت مستقرها في اللغة العربية، بعد 18 سنة عاشت فيها بين الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، بترجمة صدرت عن دار خطوط وظلال.
هذه الترجمة الجديدة لمحمد معطسيم، نقلت من الفرنسية إلى العربية مراسلات جمعت في أواخر تسعينيات القرن الماضي عالم الاجتماع عبد الكبير الخطيبي والكاتبة غيثة الخياط.
وقال المترجم معطسيم، في تصريح لهسبريس، إن هذه “أول مرة في تاريخ الأدب بالمنطقة تنشر فيها كلا مراسلات الرجل والمرأة”، وأضاف: “وجدتُ تجارب لكن مراسلاتها تضم المرسل فقط، أي أن رسائل الرجل هي التي تنشر، وتستثنى المرأة وتغيب، لأسباب معروفة؛ وهو ما نجده في مراسلات جبران خليل جبران ومي زيادة، وغسان كنفاني وغادة السمان، وخليل حاوي مع نازلي حمادة، وأحدث الأمثلة مراسلات عبد القادر الشاوي وخناثة بنونة”.
وتابع: “ليست هذه الرسائل مجرد رسائل عاطفية، من قبيل مراسلات سابقة في المنطقة العربية، بل هي مراسلات ارتكزت على “التحَاب” الذي بلوره كمفهوم الخطيبي ويفضل التعبير عنه بـ”الانجذاب”، ويتضمن فكرة الحب العفيف والصداقة العميقة؛ لكن أثناء المراسلات توفيت ابنة الكاتبة الخياط. وهنا، أخذت المراسلات أبعادا أخرى، بل تحول الأمر إلى حديثٍ عن الفاجعة والحرب والمأساة والموت، وهي مواضيع لم تكن مطروحة من قبل”.
وذكر المصرح أن هذه المراسلات قد تمت “بين سنوات 1995 و1999، وهي مراسلات متبادلة بين الراحل الخطيبي والكاتبة غيثة الخياط، ووصل عددها إلى 59 رسالة، وتوقفت في عدد فردي، ولم تجمع مباشرة في كتاب؛ بل ظللنا ننتظر إلى سنة 2005، حين صدورها، بتقديم من عبد الكبير الخطيبي، وترجم الكتاب إلى اللغة الإيطالية في سنة 2006، وإلى الإنجليزية في سنة 2010”.
لكن، “انتظرنا 18 سنة لتصدر الترجمة العربية، في سنة 2023، بعدما ظلت في لغات أخرى دون مبادرة من ناشر أو مترجم، وظلت الخياط تلح على ترجمة المراسلات حتى تنتشر في العالم العربي؛ لأن غايتها ألا تبقى حكرا على الفرنكفونية أو من يقرؤون بالفرنسية”.
وحول أهمية هذا الكتاب الجديد المضاف إلى الخزانة العربية، ذكر المترجم أن “هذه المراسلات تجربة بين شخصين، ولكنها تؤرخ لمرحلة، وتعطينا معلومات ومعطيات حول تجارب اجتماعية، ووضعية المرأة، فلا ينبغي أن ننسى أن غيثة الخياط من مناصرات النزعة النسوية، وهي امرأة تجرأت وكتبت مع رجلٍ، وتقول عن نفسها “لم أكتب عنه، ولم يكتب عني، وإنما كتبت معه”، وهذه فكرة مهمة، فيها شيء من الاعتراف بالمرأة”.
وزاد: “لا ينبغي أن ننسى أن الراحل الخطيبي كان مناصرا للمرأة، وكان يدعم أقلاما تحملها نساء في بداية مشروعهن في الكتابة، وكان يصدر بعض أعمالهن، وكانت هذه خطوة إيجابية في ممارسة الاعتراف بقدرات المرأة ومناصرة قضيتها”.
وتحدث معطسيم عن “الشغف والتعطش” الموجود بهذه المراسلات، قبل أن يردف قائلا: “توجد طلبات للكتاب من السعودية خاصة لا أدري سببها؛ ولكن هناك إقبال للتعرف على هذه الرسائل؛ خاصة وقد كتبت ووقعت بشكل صريح من امرأة معروفة “لا تخشى في الله لومة لائم”، وتجرأت وكتبت ولها كل الاستعداد للدفاع عن قضاياها ومحتويات كتابتها”.