أخبار العالم

حساسية أشجار الزيتون بالمجال الحضري .. معاناة تتجدد في فصل الربيع



يشكّل فصل الربيع بشكل عام، وشهر أبريل بشكل خاص، مناسبة سيّئة الذكر لدى فئة من سكان المجال الحضري، حيث يعيشون في حذر شديد مخافة أن يجدوا أنفسهم في العناية المركزة أو بأحد أقسام المستعجلات، وذلك بسبب أشجار الزيتون التي تؤثر سلبا على الجهاز التنفسي لدى الأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه هذه الأشجار دون غيرها.

وتختلف الأعراض التي تظهر على ذوي الحساسية تجاه أشجار الزيتون، إذ تتراوح حدّتها بين السعال الخفيف غير المقلق والاختناق التام والوفاة، مرورا بآلام العينين والأنف والصدر والحلق… ما يدفع المرضى سنويا إلى تجديد المطالبة بإبعاد أشجار الزيتون عن الأحياء السكنية الواقعة بالمجال الحضري، حفاظا على سلامة المتضررين من حبوب اللقاح الناتجة عن شجر الزيتون.

معاناة سنوية لسكان المدن

ندير طلابي، واحد من الأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه أشجار الزيتون، قال إن “أعراض هذه الحساسية تختلف حدتها من شخص إلى آخر، لكنها في العموم تتمثل في احمرار العينين، والرغبة المستمرة في فركهما باليد، وسيلان الأنف، والسعال الجاف والقوي والمزعج، وضيق التنفس، وسماع صفير أثناء عمليتي الشهيق والزفير، مع خفقان في الصدر، والعجز عن النوم؛ فيما يبقى الأمر الأخطر هو الاختناق الشديد”.

وأوضح طلابي، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، أنه يحاول قدر المستطاع القيام بمجموعة من الاحتياطات لتجنب الإصابة بالمشاكل المذكورة، خاصة خلال الفترة التي تزهر فيها أشجار الزيتون وتصادف تقريبا شهر أبريل، ومن بينها “الابتعاد عن الأماكن التي توجد بها أشجار الزيتون، واستعمال الكمامة، والاستقرار ما أمكن في الطوابق العليا”.

وأكد المتحدث ذاته أنه خلال هذه الفترة يضطر إلى تتبّع وصفة طبية تحتوي على مجموعة من الأدوية، “منها بخاخ للأنف، وبخاخان على شكل كبسولات، وكورتيكويد، وعقار آخر يتم تناوله ليلا”، مضيفا: “خلال الشهر الجاري، ونظرا لصعوبة ‘المنزلة’، اضطُررت لاستعمال ‘بخاخ الربو’، والتوجه إلى قسم المستعجلات بسبب أزمات الاختناق الحاد، من أجل استنشاق جرعات من الأوكسجين المصحوب بأدوية أخرى، إضافة إلى أخذ حقنة مهدئة ومساعدة على التنفس”.

وختم ندير طلابي تصريحه لجريدة هسبريس بالتأكيد على أن “الكثير ممن يعانون من حساسية أشجار الزيتون يطالبون السلطات المعنية بضرورة إخلاء المجال الحضري من هذه الأشجار، واجتثاثها من جنبات الأزقة وشوارع المدن والساحات العمومية، ومنع غرسها بمختلف الأحياء السكنية، حفاظا على سلامة السكان من الأضرار الناتجة عن أشجار من المفروض أن تُغرس في المجال القروي فقط”.

احتياطات وتدخلات إسعافية

يوسف شكير، طبيب عام بمستشفى القرب بمدينة بن احمد، قال إن “أغلب الحالات التي تصل إلى أقسام المستعجلات تشتكي من الاختناق، أو الإحساس بنقص في الأوكسجين؛ مع بعض الحالات المتطورة التي تعاني من اختناق شديد مع صعوبة في التكلم ونطق الألفاظ العادية، إضافة إلى السعال الذي يكون غالبا مصحوبا بإفرازات بلون أبيض، وسماع صفير في الصدر”.

وإلى جانب المعطيات التي يقدّمها المريض حول حالته الصحية، أكد شكير أن “المصالح الطبية تعمل على إجراء المعاينة، وفحص الصدر بأجهزة طبية خاصة، حيث يُسمع في بعض الحالات صفير في الرئتين، وفي حالات أخرى متقدمة يتم تسجل ارتفاع في دقات القلب، وارتفاع في حركات التنفس، وانخفاض نسبة الأوكسيجين في الدم، وارتفاع الضغط الدموي”.

وأضاف الطبيب ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “التدخل المبكر يكون مهما كي لا تتحول الحالات البسيطة إلى حالات متقدمة ومهددة لحياة المريض”، مشيرا إلى أن “التدخل في الحالات المتقدمة يكون حيويا وطبيا مستعجلا، لأن الأمر يتعلق حينها بالحساسية المفرطة التي قد تؤدي إلى الوفاة نتيجة تراكم المخاط وضيق مسارات الهواء وانغلاقها، ثم التوقف النهائي عن التنفس”.

وأوضح المتحدث: “التدخل الطبي يشمل أيضا تقديم أدوية مستعجلة على شكل حقنات في الوريد وبعض العضلات، إذ تحتوي هذه الأدوية على مضادات التهاب قوية لإزالة المخاط المتراكم في الرئتين، واستنشاق قطرات من دواء آخر يُرفق بالأوكسجين، ما يؤثر بشكل مباشر في أوعية الرئتين، وتوسيعها وتسهيل التنفس”، وزاد: “أغلب الحالات تغادر المستعجلات في وضعية صحية جيدة في اليوم ذاته، باستثناء بعض الحالات النادرة التي تُحال على العناية المركزة”.

وختم يوسف شاكر توضيحاته بالتأكيد على أن “الوقاية خير من العلاج، لذلك وجب الابتعاد عن الأماكن التي تتواجد بها أشجار الزيتون، أو اقتلاعها وإعادة غرسها في أماكن بعيدة، واستعمال الكمامة، مع ضرورة زيارة الطبيب المختص في أمراض الحساسية من أجل تتبع الحالة المرضية للشخص الذي يعاني كل سنة من هذا المرض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى