التقارب بين فرنسا والنظام الجزائري .. رهانات ظرفية تغطي القضايا الخلافية
حدوث تقارب وتبادل للزيارات بين فرنسا والجزائر، أخيرا، يؤشر على تحول في طبيعة العلاقة التي كانت تجمعهما؛ ومحاولة للتخلص من ثقل الماضي.
ويرى خبراء أن هذا التقارب سيكون ظرفيا، بالنظر إلى إرث “العداوة” الذي كان يطبع البلدين، حيث تنظر فرنسا بحنين إلى الماضي، ولديها رغبة في الإبقاء على نوع من التبعية الجزائرية لها، كما أنه تحول مؤقت مبني على مصالح مرتبطة بتوفير مواد طاقية في ظل الأزمة العالمية والحرب الأوكرانية الروسية.
تقارب مؤقت
محمد بنحمو، الباحث في العلوم السياسية، قال إن الرئيس الفرنسي يرى أنه بحاجة إلى الغاز الجزائري، وهي ورقة يلعبها النظام الجزائري، الذي يعيش بشكل مستمر على عائدات النفط والغاز، ويهدي هذه الورقة لكل من يرغب في أن يعادي المغرب وأن يتخذ موقفا يضر بمصالحه.
وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن من خلفيات هذا التقارب البعد الإقليمي، حيث نصبت الجزائر نفسها طرفا منافسا للمغرب، وتسعى إلى فرض هيمنتها الجهوية في منطقة شمال إفريقيا.
وأبرز أن “علاقة المغرب بفرنسا علاقة استراتيجية وقوية، وقد ظهر ذلك بشكل جلي حين أراد ماكرون وضعها في الميزان وتقديمها كقربان للجزائر”.
من جهة أخرى، أوضح الباحث أن المغرب حقق قفزة على المستوى القاري، ويعد رقما أساسيا في مجالي التنمية والأمن، مشيرا إلى أن بعض الأوساط الفرنسية تعتبره منافسا لفرنسا في إفريقيا، في ظل ما تشهده من تراجع غير مسبوق على مستوى القارة السمراء.
وحول مدى تأثير هذه التحركات على المغرب، قال بنحمو إن “المغرب في علاقاته الثنائية يتعامل بواقعية وبراغماتية ويبعد خطاب العاطفة، ولديه القدرة، من خلال تنوع الشركاء والدينامية الاقتصادية والتنموية التي يعرفها، على خلق المفاجآت”.
خلافات
أكد المحلل السياسي حسن بلوان أن ارتفاع وتيرة التقارب، أخيرا، من خلال تكثيف الزيارات وشعارات التبادل والتعاون بين البلدين، لا يخلو من خلفيات يعتبر فيها المغرب المستهدف الأول من طرف النظام الجزائري.
وقال: “الجزائر تحاول أن تحاصر المغرب في عمقه الاستراتيجي داخل أوروبا، خاصة أن العلاقات الفرنسية المغربية كانت إلى حد قريب نموذجا يحتذى به، كما أنه تقارب في ظل أزمة صامتة بين المغرب وفرنسا”.
واعتبر أن هذا التحول في العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا يبقى هشا على اعتبار أن الخلافات بينهما كبيرة مهما ادعى المسؤولون بأنها يمكن أن تمر مرور الكرام.
كما أشار بلوان بدوره إلى كون هذا التقارب أملته التوازنات الإقليمية التي فرضتها الحرب الأوكرانية وما نتج عنها من أزمة على مستوى الطاقة، مبرزا أن الجزائر تستغل حاجة أوروبا لمصادر الطاقة، ولذلك تسخر إمكانياتها في هذا المجال للوقوف ضد مصالح المغرب.
وأكد المتحدث ذاته أن هذا التحالف لا يمكن أن يصمد طويلا، والدليل على ذلك، يضيف، تعليق الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها الرئيس الجزائري لباريس، خاصة أن النظام الجزائري كان يعول عليها، وكانت ستمس مجموعة من القضايا الخلافية، خاصة فيما يتعلق بالذاكرة والعلاقات الاقتصادية والتعاون الطاقي.
وأبرز بلوان، أيضا، أن الجزائر لا تحظى بالثقة نفسها التي يحظى بها المغرب في أوروبا وفي فرنسا، التي اقتنع مسؤولوها بأن قطع العلاقات مع الرباط أزمة تضر بمصالح البلدين.