آخر خبر

اليوم الموعود | صحيفة مكة


يوم العمليات الجراحية هو يوم مهم جدا في حياة المريض، وكذلك في حياة الجراح.

بالنسبة للجراح هو يوم يحمل كثيرا من الأشياء المجهولة والخارجة عن السيطرة، لذلك يحاول الجراح بأقصى ما يمكن معرفة كل شيء قبل يوم العملية، من تحضير للعملية بمراجعة الأشعة، والتدريب الذهني بتصور كيف ستكون العملية، منذ دخول المريض إلى الغرفة حتى خروجه منها.

رغم هذا كله، فهناك أمور خارجة عن سيطرة الطبيب، وهنا يكون توفيق الله ولطفه ظاهرا بشكل واضح.

إكمالا لسلسلة المقالات التي بدأناها لقصة المريض مايكل، نتطرق اليوم لموعد العملية الجراحية.

حضرت صباحا، اتجهت إلى غرف العمليات، غرفة عمليات رقم 10، الغرفة هذه تحمل اسم جراح الأعصاب الذي أسس جراحة الأعصاب في أوتاوا.

دخلت الغرفة وراجعت مع الممرضة الأدوات التي أحتاجها، وتكلمت مع أخصائي التخطيط العصبي عن نوع الفحوصات التي سنقوم بها خلال العملية.

جاء مايكل خارج الغرفة، خرجت إليه أسلم عليه وأطمئنه، وكأني أريد طمأنة نفسي.

بعد السلام ومراجعة الملف والتأكد من موافقته على العملية، جاء طبيب التخدير ليفحص مايكل، والممرضة للتأكد من كامل الأوراق، ثم أدخلنا مايكل غرفة العمليات.

مرحبا بك في غرفة عمليات 10، أفضل غرفة عمليات في المستشفى، قلت له هذا وأنا أدفع السرير خلال الباب الضيق للغرفة.

بدأنا بالتعريف بأنفسنا، كجزء روتيني قبل كل عملية، والتعريف بالمريض والخطة الجراحية، ثم بدأ طبيب التخدير بعملية التخدير، بعد قرابة الربع ساعة بدأنا العملية.

كل شيء كان يسير على ما يرام، وضعنا المسامير التي نريدها، وتم تعديل العمود الفقري، ورفع الضغط عن الأعصاب بشكل جميل، ودون أية مشكلات.

أغلقنا الجرح، وتم نقل المريض إلى السرير، ثم إلى غرفة الإفاقة.

مررت عليه بعد أن أفاق أسأله عن حاله، وكي أفحصه، وإذ بي أفاجأ بضعف شديد في رجله اليمنى، وضعف أقل شدة في رجله اليسرى، لم يكن يقوى على تحريك قدميه، لا أدري ما الذي دار في خلدي، ماذا حدث؟ كل شيء كان على ما يرام، تذكرت ابنته وزوجته وكيف كنت أطمئنهم، بأنها عملية ضرورية لكن مضاعفاتها قليلة، تذكرت كيف كان يقول لي إنه يريد أن يمشي في زفاف ابنته، أفاقني من تفكيري سؤال مايكل: كيف كانت العملية يا دكتور؟.

قلت له إن العملية كانت على ما يرام، وأخبرته أن هناك ضعفا في قدميه، قد يكون من جراء الضغط على الأعصاب لم نلاحظه، أو أن الأعصاب كانت مضغوطة فترة طويلة؛ فإزالة الضغط سبّب توقفا مؤقتا للحركة العصبية، طلبت له أشعة مغناطيسية عاجلة، لأتأكد أن ليس هناك تجمع دموي ضاغط على الأعصاب.

تحركنا بعد أن استقرت حالته إلى غرفة الأشعة المغناطيسية بالدور الثالث، ودخل مايكل لجهاز الأشعة وأنا انتظر مع أخصائي الأشعة خروج الصور، راجعت الصور لم أر شيئا مقلقا، كل شيء كان على أحسن حال، ذهبت إلى استشاري الأشعة أستشيره، نظر إلى الصور ولم يجد شيئا يفسر هذا الضعف.

رجعت إلى مايكل ورجعنا إلى غرفة الإفاقة، وكانت زوجته في انتظارنا، أخبرتهم بنتائج الأشعة، وفي ظني أن هذا الضعف مجرد شيء مؤقت، لأن الأعصاب كانت مضغوطة، تركتهم ليلتهم تلك ورجعت إلى المنزل.

لم أدر كيف وصلت إلى المنزل، أعيد التفكير مرارا في خطوات العملية، ما الذي حصل؟ هل أخطأت؟ هل كان قراري في اتخاذ العملية خطأ؟ ألم يكن الأفضل أن أتركه ولو كان متألما، بدلا من ألا يستطيع المشي الآن! تعصف بي الظنون ولا أدري.

ما الذي حدث للمريض وهل سيعاود المشي؟ هل أصابه شلل دائم؟ هذا ما سنراه في المقال القادم.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى