كيف تؤثر ثقافة نصف الكوب الفارغ على دافعية التحسين في المؤسسة!

وفي المؤسسات يؤثر مفهوم نصف الكوب الفارغ على دافعية قيادة المؤسسة أولا ومن ثم على مستوى دافعية الموظفين ثانيا كنتيجة، ذلك أن قائد المؤسسة الذي يمارس السلوك السوداوي القائم عل رؤية نصف الكوب الفارغ فقط إنما هو في الحقيقة يمارس سلوكا إداريا مغرقا في تعظيم كل صغير فتصبح المؤسسة غارقة في بحر متلاطم من كل خطأ يراه كبيرا حتى وإن كان في حقيقته صغيرا.
تعظيم وتضخيم الأخطاء الصغيرة هي ممارسة حقيقية في كثير من المؤسسات وليست افتراضا من الخيال، وجميعنا قد عاين هذه الأخطاء الإدارية أو سمع عنها من موظفين كثر، وهذه المؤسسات التي تغرق في ثقافة اعتناق مبدأ نصف الكوب الفارغ تُنتِج حالة من التوتر الدائم في بيئة العمل، وتنغلق في تلك البيئة الكثير من عقول الموظفين، ويصبح الموظفون خائفين طيلة الوقت من المبادرة لأنهم يخافون من ارتكاب أي خطأ حتى ولو كان صغيرا، فيقررون عدم المبادرة بأي شيء والاكتفاء بتنفيذ المهام المعطاة لهم.
إن مدير ثقافة نصف الكوب الفارغ يقتل مؤسسته من دون شك، ويحطم مستقبل المؤسسة الذي هو مستقبله ومستقبل عائلته، وأصحاب المؤسسات الذين يوظفون مدراء يمارسون هذه الخطيئة الإدارية إنما هم أيضا يسلمون مؤسساتهم لمدراء سيقضون حتما على المؤسسة.
على الجانب الآخر، يواصل أصحاب أو مدراء المؤسسات المرنين تحقيق النجاحات عاما بعد آخر، بإعلائهم من قيمة الخطأ، وبفهمهم لحقيقة أن الخطأ بحد ذاته هو قيمة، وبإدراكهم ووعيهم وثقافتهم ومعرفتهم التي تؤهلهم لفهم هذه القضية الخطيرة مضافا إلى كل هذا خبرتهم الإدارية الإيجابية التي لطالما تعلموا منها بأن الموظف الذي يخطئ هو حتما موظف يبادر ولديه شجاعة المحاولة، وهي الشجاعة التي من دونها لا يكون للموظف ولا للمؤسسة قيمة على مستوى التطور المستقبلي، ولهذا فأسلوب إدارة مؤسسة ما من خلال ثقافة نصف الكوب الفارغ إنما هي نهاية مؤجلة وحتمية للمؤسسة، وانهيار قادم يدركه كل إداري واع ومثقف.