ما أسباب العصيان الفلسطيني داخل السجون الإسرائيلية؟

- إيمان عريقات
- بي بي سي- رام الله
أعلنت لجنة الطوارئ العليا للسجناء الفلسطينيين في 13 فبراير/ شباط الحالي، خطة عصيان تحمل عنوان “بركان الحرية أو الشهادة “، في ستة سجون إسرائيلية.
يأتي ذلك احتجاجاً على قرارات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ضمن خطته لتعديل ظروف “السجناء الأمنيين” في السجون الإسرائيلية.
وتشمل القرارات تقليص الأموال المودعة للسجناء من قبل عائلاتهم والتي تتيح لهم شراء حاجياتهم داخل السجون، وتقليص استهلاك المياه وتحديدها بأربع دقائق لاستحمام كل سجين، إضافة لإيقاف الطهي داخل أقسام السجون، وتوفير المواد الغذائية من خلال إدارة السجون الإسرائيلية فقط >
وصرح بن غفير :” أنا مصر على الاستمرار في تقليص أوضاع السجناء إلى الحد الأدنى، ولن تردعني التهديدات بل ستزيدني إيماناً بأننا بحاجة إلى إعادة النظام واستعادة سيادتنا في السجون”.
وتشمل خطوات العصيان الاحتجاجية الأولية عرقلة السجناء الفلسطينيين للفحص الأمني، وإغلاقهم الأقسام داخل السجون، وارتداءهم الزي البني المخصّص من إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.
“المطلب الأساسي: الحرية”
وتتكرر احتجاجات حركة السجناء الفلسطينيين بين حين وآخر داخل السجون الإسرائيلية، ومع اختلاف الأدوات إلا أن السياق والأهداف واحدة.
يقول السجين الفلسطيني السابق مجد زيادة والذي أفرج عنه في مارس /آذار الماضي بعد قضائه حكماً بالسجن 20 عاماً لاتهامه بالانتماء لخلية عسكرية أطلقت النيران ضد إسرائيليين.
وبينما بدا القلق واضحاً على مجد وهو يتابع الخطوات الاحتجاجية لرفاق سابقين له داخل السجون الإسرائيلية، حدثني عن تجاربه السابقة في الاحتجاج والإضراب الجماعي، وتشابه ظروفها مع ما يحدث اليوم.
ويقول مجد لبي بي سي نيوز عربي: “تحضرني الآن تجربة إضرابنا الذي استمر أكثر من أربعين يوما في عام 2017، وكنت في حينها في سجن هداريم ونُقلتُ للعزل الانفرادي في سجن نتسان – الرملة “.
ويضيف: “جزء من الصعوبات لأي حراك جماعي نضالي للحركة الأسيرة، هو التحضير المسبق كبحث ظروف السجون والتجاذبات بين الفصائل داخل السجون ومحاولات مصلحة السجون الإسرائيلية لتقديم عروض وإيجاد حلول، وهل يمكن أن تقبل العروض أم يتم الموافقة على أجزاء منها ، وبالنسبة للخوض في الخطوات النضالية كدفعة واحدة أو التروي ببعضها ، ما أراه في الشكل الحالي لإحتجاجات الأسرى والعصيان هي جزء من خلاصات توصلت لها الحركة الأسيرة عبر تجارب خاضوها منذ سنوات طويلة ، كي يكون الضغط على السجان الإسرائيلي وليس على الحركة الأسيرة”.
وأضاف مجد زيادة : “الظروف المعيشية للأسرى ليست هي الهم الأكبر لهم ، هم يعلمون تماما كيفية التكيف مع ظروفهم داخل السجون ، لكن الهم الأكبر لدى كل سجين هو الانعتاق من السجن والحصول على الحرية. مع السنوات الطويلة أصبح من الواضح لدى السجناء الفلسطينيين والسجانين في مصلحة السجون الخطوط العريضة لكيفية التعامل مع الظروف المعيشية داخل السجون ، وأين يمكن أن يتم التقدم أو التراجع في التعامل اليومي بين الجانبين، لكن المقلق الآن في ظل قرارات وزير الأمن الداخلي بن غفير وقراراته غير المفهومة وغير القابلة للتنبؤ وما فيها من تطرف كبير ، لذلك أصبح مقلقا لي إلى أين ستصل هذه القرارات في ظل حكومة اسرائيلية كهذه ؟ .” والتساؤل للفلسطيني مجد زيادة .
الاحتجاج حتى الإضراب المفتوح عن الطعام
تجري منذ أيام “دردشات استطلاعية ” بين ممثلي اللجنة الوطنية العليا لحركة السجناء وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، لبحث تطورات خطوات “العصيان الإحتجاجي” ، وفق ما قال مدير “نادي الأسير الفلسطيني” ، قدورة فارس لبي بي سي نيوز عربي . والذي وضح أن الخطوات الإحتجاجية الفلسطينية تأتي بعد عدم الإلتزام الإسرائيلي بجملة إجراءات يومية تتم منذ سنوات طويلة وفق إلتزامات السجناء الفلسطينيين بما يضمن تنظيم حياتهم اليومية دون المساس بكرامتهم، وبما لا يضر بأمن إدارة السجون الإسرائيلية، بموجب تفاهمات شفهية توصلت لها حركة السجناء سابقا مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية .
وأضاف قدورة فارس قائلا : “أصبح السجناء في حل من هذه الإلتزامات، وإعلان حالة الاستنفار والتي تستنزف طاقة مصلحة السجون الإسرائيلية والتي يتعين عليها في ظل حالة الإستنفار أن تستدعي كل طاقمها العامل، وكل هذه الإجراءات بهدف دعوة إدارة مصلحة السجون للقدوم لطاولة المفاوضات مع حركة السجناء وكي يتم التوضيح أن كل القرارات الأخيرة التي هي ” بمثابة حرب على النظافة والحمام ” هي إجراءات سخيفة ولن تفيد الأمن الإسرائيلي بل ستعقد المشهد وتؤدي للإنفجار داخل السجون الإسرائيلية ، السجناء يتخذون خطواتهم الإحتجاجية لإحداث الصدمة لدى المسؤلين الإسرائيليين للتراجع عن قراراتهم الأخيرة قبل فوات الاوان.”
وأشار “نادي الأسير الفلسطيني” إلى أن الخطوات الإحتجاجية الفلسطينية تأتي بعد سلسلة قرارات وإجراءات اسرائيلية يصفها ” بسياسات العقاب الجماعي الإسرائيلي ” للسجناء الفلسطينيين وعائلاتهم ، تتكثف منذ سنوات، داخل السجون الإسرائيلية كاقتحامات الأقسام والتفتيش والعزل الإنفرادي، إضافة الى ما أقر في الآونة الأخيرة من قانون يجيز سحب الإقامة والجنسية للسجناء من القدس الشرقية وداخل الخط الاخضر .
ما يحفز ، من وجهة نظر المستويات الرسمية والحقوقية الفلسطينية ، استمرار الخطوات الإحتجاجية والعصيان ما لم تتجاوب مصلحة السجون الإسرائيلية مع مطالب الحركة الأسيرة الفلسطينية ، بحسب تأكيد نادي الأسير الفلسطيني .
وسجلت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية أكثر من 850 حالة اعتقال لفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري ، بينما يقدر عدد السجناء الفلسطينيين ب 4780 فلسطيني في السجون الإسرائيلية ، وفق المعطيات الرسمية الفلسطينية .
واتصلنا بمصلحة السجون الإسرائيلية لكن لم يردنا جواب رسمي لحد الآن.