الأخبار الرئيسية

“لا أشعر بالوحدة” مبتعث حرر مُقعدا هولندياً من قيود العزلة


في أحد أيام عام 1960م، لم يعلم الطفل الهولندي “يان” ذو التسع سنوات، المفعم بالحيوية والنشاط، عن مصير خطواته التي تقوده خارج المنزل، حيث سيترتب عليها الالتصاق بكرسي متحرك طوال حياته، وكان جاهلاً أيضاً بما يخبئه هذا المنعطف، إذ سيجعله صديقاً استثنائياً لمبتعث سعودي بعد 63 عاماً من فاجعته.

جذورهما مختلفتان كليّاً وثقافتهما لا تتشابهان، ومع ذلك تجاوز الشاب “نايف العنزي” الحواجز وشيّد صداقة غير مألوفة مع العجوز الهولندي “يان”، حيث يصوّر المبتعث السعودي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي، أحاديثه ويومياته أثناء دراسته في مملكة الأراضي المنخفضة، مدهشاً الجميع برباط وثيق يجمعه مع شخص وُلد قبله بأربعة عقود ونيف، يتكبّد عناء الوحدة القاسية ومحدودية حركة جسده.

قصة تعرف المبتعث عن الهولندي

وأوضح العنزي لـ “العربية.نت” بأن تعرفه على السيد “يان” بفضل صديق له، أخبره عن إمكانية التقديم على برنامج تطوعي، يوصل الناس إلى كبار السن لمساعدتهم ومعاضدتهم في أزماتهم المفروضة عليهم، كالمعزولين عن محيطهم، والمصابين بإعاقات حالت بينهم وبين حياتهم الاجتماعية.

وقُدّر لطالب الطب في جامعة خرونينغن شمال هولندا، أن يقدّم على البرنامج مع صديقه، ليلتقيا مع العجوز الذي وضع فيما بعد صورة لهما سوياً عند مدخل منزله، ويرى أن “التعامل الطيب” خُصلة جعلته يكسب هذه الصداقة، وبات “يان” يزعم بأنها أهم رفقة في حياته.

وبسبب الحادث الذي أحل به، أُصيب الهولندي بتشنجات دائمة في الجهة اليسرى من جسده، أعاقت نشاطاته الطبيعية وباءت به إلى الانفراد والخلوة بذاته، وتتسم شخصيته الطيبة بتقدير المعروف ومحاولة رد الإحسان بما يستطيع، بيد أنه مولع بالقراءة خصوصاً في التاريخ، مثل ما كشف العنزي.

شعور الوحدة

“لا يخالجني شعور الوحدة” هذه العبارة التي ظلت تتردد في عقل الشاب بعد أن تمتم بها رفيقه الأشيب، اللذان يقضيان الوقت بالحديث والتجول في البلدة وزيارة أبرز معالمها، وخوض التجارب المرحة، ولم يبخل “يان” بتطوير لغة صاحبه الهولندية، إذ يصحح أخطاءه ويزوده بمصطلحات جديدة.

ويزعم العنزي أن الترابط الاجتماعي هشّ في الثقافة الغربية بخلاف المجتمع السعودي، مؤمناً بأهمية هذه الممارسة الناجعة، غير أن التعاليم الإسلامية تحثّ عليها لفوائدها على الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى