أخبار العالم

عثمان بنعفان.. من حي عمر ابن الخطاب بطنجة إلى مختبرات “ناسا” بأمريكا


يقوم فريق من وكالة “ناسا”، بتعاون مع شركة “بوينغ” لصناعة الطيران، باختبار تقنية جديدة تتمثل في استبدال مُولد الدوامات الذي يوجد على أسطح أجنحة الطائرة بجيل جديد يتغير شكله أثناء الرحلة بشكل يوفر الوقود ويُقلل الانبعاثات.

وعلى عكس مولدات الدوامات التقليدية (Vortex generators) التي تكون ثابتة على أجنحة أو ذيل الطائرة، يمكن للمولدات الجديدة، وهي من نوع “سبيكة متذكرة للشكل”، التي تتميز بخاصية فريدة بالتغير، أن تعود إلى شكلها الأصلي، وهي تقنية يمكن أن تقتصد بفضلها شركة طيران تتوفر على 100 طائرة ما يصل إلى 11.4 ملايين لتر من الوقود سنوياً.

يقف وراء هذا الاختراع المهندس المغربي عثمان بنعفان، الذي ترعرع في حي عمر ابن الخطاب بمدينة طنجة، ونجح في التألق بمجتمع العلوم بعدما نال اهتمام وكالة “ناسا” التي كلفته بقيادة فريق من المهندسين والعلماء من أجل تجربة هذه التقنية التي ستحدث طفرة في عالم الطيران قريباً.

في هذا الحوار، يتحدث بنعفان عن حياته في المغرب والمسار الدراسي الذي قاده إلى الولايات المتحدة الأميركية، ويتذكر حنين الوطن وحرصه على إبقاء علاقة أبنائه بالثقافة المغربية، كما لا يبخل بالمساهمة في تكوين الطلبة المغاربة من خلال الإشراف ضمن لجان الأطروحات في عدد من الجامعات في المغرب.

البداية كانت من طنجة.. كيف بدأ الشغف بالعلوم وصولاً إلى العمل في وكالة “ناسا”؟

وُلدت في مدينة طنجة عام 1983، ومنذ طفولتي كان لدي اهتمام بآليات البناء، حين كنت أرى والدي يقوم بأشغال الإصلاح. كانت وظيفتي الأولى في الصيف وأنا في عمر 14 عاماً متدرباً في محل لأعمال النجارة في حي سيرفانتيس بطنجة، هناك أمضيت معظم وقتي في لصق وتلميع قطع الخشب التي يتم تركيبها وتحويلها إلى أثاث.

في المرحلة الثانوية درست في ثانوية مولاي يوسف التقنية بطنجة، بالتركيز على الهندسة الميكانيكية، وتخرجت الأول في القسم عام 2001، وبعد التخرج سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة التعليم العالي بهدف التخرج من الجامعة كمهندس.

درست بجامعة سنترال فلوريدا، وحصلت على درجة البكالوريوس، ثم ماجستير، مع مرتبة الشرف، في الهندسة الميكانيكية وعلوم المواد، وعام 2012 حصلت على درجة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية، وهو موضوع تعرفت عليه لأول مرة في مدرستي بطنجة.

خلال دراستي بالجامعة، عملت مع وكالة “ناسا” في العديد من المشاريع، وكان اهتمامي مُنصباً على المواد الوظيفية التي كانت تحظى بأهمية كبيرة في برامج الوكالة. وُظفت من طرف الوكالة بينما كنت أُنهي أطروحة الدكتوراه لمساعدتها في التحقق من المواد واستخدامها في عدد من المهام.

عملي في الوكالة يمتد لـ11 سنة، نلت فيها عدداً من براءات الاختراع حول المواد والأدوات التي اخترعتها، وأقود حالياً فريقاً من العلماء والمهندسين لاكتشاف مواد المستقبل.

وسط الالتزامات المهنية الكبيرة، هل مازلت تزور المغرب من حين لآخر؟

أزور المغرب بشكل مستمر خلال فصل الصيف لرؤية العائلة وإبقاء أبنائي قريبين من الثقافة العظيمة للمغرب وتقاليده وشعبه، كما أزور مواقع الطفولة وأقضي بعض الوقت مع أصدقاء الدراسة، وفي الاستمتاع بالمأكولات الشعبية في جميع أنحاء البلاد.

حينما لا أكون في المغرب، أجد طريقة أخرى للتواصل مع جذوري من خلال العمل في لجان الأطروحات بالجامعات المغربية للمساعدة في بروز الجيل القادم من القادة المغاربة، كما أساهم في تنظيم فعاليات التوعية المغربية في الولايات المتحدة الأميركية لعرض الثقافة المغربية على الطلبة.

ما فحوى الاختراع الجديد الذي توصلت إليه؟ وما أهميته بالنسبة لصناعة الطيران؟

يعتمد الاختراع على نوع من المواد تعرف باسم “سبيكة متذكرة للشكل”، وتعمل وفقاً لدرجات الحرارة. والجانب الفريد في هذا الاختراع هو قدرة هذه المواد على تغيير الهيكل بتنسيق مع ارتفاع الطائرة.

وبالاشتراك مع شركة “بوينغ”، يُستخدم هذا الاختراع لوضع وتخزين مولدات دوامة على أجنحة الطائرات، لتساهم في تقليل قوة السحب التي تأتي من مولدات الدوامات التقليدية أثناء الرحلات الجوية على ارتفاع عال، ما يؤدي إلى انخفاض استهلاك الوقود، وهو ما يجعل الطائرات أكثر كفاءة وصديقة للبيئة.

وتم اختراع هذه التقنية واختبارها لأول مرة عام 2018 في المختبر الذي أترأسه في وكالة “ناسا”، وسرعان ما نالت اهتماماً من طرف قطاع الطيران لبدء تجربتها. ومنذ ذلك الحين حقق الفريق تقدماً كبيرا في تطوير التكنولوجيا بشكل أكبر للمساهمة في مستقبل النقل الجوي الخالي من الكربون في جميع أنحاء العالم.

متى يمكن تطبيق هذه التقنية في صناعة الطيران لتخفيض كلفة النقل الجوي؟

تخضع هذه التقنية الجديدة لمزيد من الاختبارات لضمان تحقيق أداء أفضل وأكثر أماناً في عدد متنوع من الطائرات، وهي تكنولوجيا تعمل في المناطق شديدة الحرارة وأيضاً شديدة البرودة. وحالياً يقوم الفريق بتقييم أداء المواد على مدار العديد من الدورات لضمان عمل هذه الأجهزة طوال عمر الطائرة بالكامل. وبالإضافة إلى ذلك نعمل مع “بوينغ” للحصول على شهادة لدى إدارة الطيران الأميركية.

وأطمح يوماً ما في المستقبل القريب أن أرى هذه الأجهزة في كل طائرة حول العالم، لأن هذه الأعمال لا تفيد “ناسا” أو “بوينغ” فقط، بل البشرية جمعاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى