باحثان اقتصاديان يتفحصان تأثير الدورة المالية على السياسة النقدية في المغرب

بعنوان “الدورة المالية والدورة الحقيقية، وانتقال السياسة النقدية في المغرب”، نشر قسم البحوث التابع لمجال السياسة النقدية في بنك المغرب، حديثاً، ورقة بحثية جديدة تسعى إلى “دراسة أثر الدورة المالية على الدورة الحقيقية وانتقال السياسة النقدية في المغرب”.
الورقة البحثية المنشورة مطلع العام الجاري، التي أعدها الباحثان الاقتصاديان في قسم البحوث ببنك المغرب عمر شفيق عن “مصلحة الأبحاث حول السياسة النقدية”، وآية عاشور عن “مصلحة النمذجة والمحاكاة الماكرو اقتصادية”، حُررت مضامينها باللغة الفرنسية في 22 صفحة، واستند تحليل مؤلفَيْها إلى “نموذج كينزي جديد” يأخذ في الحسبان بشكل داخلي التفاعلات بين الدورات الحقيقية والمالية.
في ملخصها التنفيذي، ذهبت الوثيقة البحثية إلى أنه “مقارنة بالأدبيات والمؤلفات البحثية المتعلقة بهذا الموضوع، يتمتع الإطار التحليلي (الذي اختاره الباحثان) بميزة تكامُل السياسة النقدية وتقديم وصف أكثر تفصيلاً للاقتصاد المتكيّف مع نظام سعر الصرف المعمول به في المغرب”.
ووفق تأكيدات شفيق وعاشور، أبانت نتائج الدراسة والتحليل أن “الدورة المالية يمكن أن تُضخِّم أو تُقلل من حجم الصدمات الاقتصادية”. وبالتالي، خَلُصا إلى أن ذلك “يتسبب في تعديل السياسة النقدية من أجل أن تستجيب لتحقيق الاستقرار الاقتصادي”.
كما كشفت نتائج التحليل المنجز أن “تأثير الدورة المالية على انتقال الصدمات وسلوك السياسة النقدية يمكن أن يكون بشكل غير متماثل (asymétrique)”.
وعادت الدراسة البحثية للنبش في سياقات “اندلاع الأزمة المالية لعام 2008″، واصفة إياها بـ”نقطة تحول حقيقية”، لافتة إلى أنه “منذ ذلك الحين، يحاول الاقتصاديون دمج العوامل المالية في النماذج الماكرو اقتصادية”.
ومن ثمة، “أصبح المكوّن المالي حاضراً بشكل متزايد في الإطارات والمناهج التحليلية التي تنتهجها البنوك المركزية، لا سيما من خلال آلية التسريع المالي التي تسمح بتضخيم الصدمات الحقيقية”، يسجل الباحثان.
وفي السنوات الأخيرة، تورد الورقة، تبيّن أن “تأثير الدورة المالية على الصدمات الحقيقية يعتمد بالأحرى على تموضع الأخيرة”، مُستدلة بالأرقام والرسوم المبيانية على كون “تأثير قرارات السياسة النقدية يعتمد أيضا على هذا التموضع”.
في هذا الصدد، ساق المصدر ذاته أمثلة دالة؛ ففي حالة “مواجهة صدمة الطلب السلبية، لن يكون للانخفاض في النشاط وتعديل سعر الفائدة الضروري للانتعاش نفسُ المدى والسعة اعتمادا على وضع الدورة المالية”.
وفي السياق الاقتصادي المغربي، تؤكد الورقة البحثية أن “مسألة الصلة بين الدورة المالية والنشاط الاقتصادي ونقل السياسة النقدية تكتسب “أهمية كبيرة”. قبل ظهور الأزمة المرتبطة بوباء “كوفيد-19″، “كان النمو الاقتصادي يتباطأ على الرغم من السياسة النقدية التيْسيرية”.
كما أن “الدينامية المالية كانت أقل نشاطا من ذي قبل”، بحسب الباحثين اللذين شددا على أن ذلك “أدى إلى تساؤلات حول العوامل الكامنة وراء ضعف استجابتها للتحفيز النقدي ودورها في تباطؤ النمو الاقتصادي”.
بالأرقام، مقارنة بالفترة 2008-2012، كان متوسط الانخفاض في سعر الفائدة الرئيسي بين عامي 2013 و2019 أكبر بمرتين تقريبا، وكان مستوى نسبة الاحتياطي المطلوب أقل بثلاث مرات تقريباً.
ومع ذلك، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد المغربي 4.4% خلال الفترة 2013-2019 مقابل 3.2% بين عامي 2008 و2012، حسب معطيات الدراسة ذاتها.
وفي الآن نفسه، بلغ متوسط معدل النمو السنوي لحجم الائتمان خلال الفترة 2013-2019 نسبة 3% مقابل 14.7% في الفترة 2008-2012. أما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (PIB)، ظل الائتمان المصرفي القائم “مستقرا نسبيًا عند حوالي 80% بين الفترتين.