أخبار العالم

مستشفى “الأمراض الصدرية” في بنصميم .. معلمة صحية تواجه خطر الزوال


قرب عين إفران بجماعة بنصميم (إقليم إفران)، يقع أكبر مستشفى للأمراض الصدرية خاصة “السل”، الذي أغلقت أبوابه منذ سنة 1971، حسب رواية الشخص المكلف بحراسة المكان، وتتكون بناية هذا المستشفى الأكبر بإفريقيا من 7 طوابق شيدت بطراز معماري مغربي أصيل.

وحسب المعلومات التي حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية من بعض المواطنين من عين المكان ومسؤولين في الهاتف، فإن تاريخ بداية تشييد هذا المستشفى تعود إلى سنة 1938 واستغرقت أشغال البناء والتجهيز 10 سنوات، لتتم بداية العمل به سنة 1948.

مستشفى بنصميم، الذي شيد في عهد الاستعمار الفرنسي للمنطقة على مساحة تقدر بـ80 هكتارا في منطقة غابوية، يوجد على قمة الجبل، وعلى مقربة من مياه عيون ابن صميم (عيون إفران)، وتبلغ طاقته الاستيعابية 400 سرير، إلى مرافق أخرى (ملاعب وقاعة للسينما).

عبد الحريم بناصر، فاعل جمعوي من منطقة بنصميم، كشف، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، سبب إنشاء هذا المستشفى المتخصص في الأمراض الصدرية من طرف الاستعمار الفرنسي، مشيرا إلى أن المستشفى شيد بناء على طلب تقدم به مواطن فرنسي يدعى “موريس بونجان”، وهو من أغنياء فرنسا آنذاك، وكان يعاني من مرض السل.

وأضاف الجمعوي ذاته أن طلب المواطن الفرنسي لتشييد هذا المستشفى بهذه المنطقة جاء بعد شفائه من مرض السل الذي كاد يفتك به، وبعدما أن أكد له الأطباء أن لا أمل في شفائه من المرض، ليسافر إلى المغرب واستقر بمنطقة بنصميم حيث كان يتردد على منبعها ويعيش على هوائها، إلى أن لاحظ تحسنا في حالته الصحية.

وأضاف بنصار أنه، ومباشرة بعد عودة “موريس بونجان” إلى وطنه الأم (فرنسا)، قام بزيارة الطبيب المختص، ليخبره بأنه خال من مرض السل وأصبح يتمتع بصحة جيدة، وطلب منه أن يحكي له قصته وأسباب العلاج، ليتم طلب السلطات الفرنسية آنذاك بضرورة بناء المستشفى بالمكان نفسه، ليقدم علاجات لمرضى السل والأمراض الصدرية بصفة عامة.

إغلاقه وصمة عار

حياة بريش، فاعلة جمعوية من إقليم إفران، كشفت أن مستشفى بنصميم، الذي أصبح بناية مهجورة تسكنها الأشباح، قدم العلاج لمرضى السل والأمراض الصدرية من مختلف الجنسيات في العالم، مضيفة أن إغلاق هذه البناية سيبقى وصمة عار في جبين الجهات المسؤولة في المغرب، وفق تعبيرها.

وأوضحت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن المستشفى اشتغل تحت الإدارة الفرنسية إلى أن نال المغرب استقلاله، وبعدها تولت وزارة الصحة المغربية مهمة التسيير، إلى أن تم إغلاقه بداية سنة 1971، وتعرض بعدها للنهب والسرقة، وأصبح عبارة عن بناية مهجورة ذات جدران كئيبة وزوايا مظلمة تدور حولها قصص الرعب والأشباح، وفق تعبيرها.

يذكر أن مستشفى بنصميم يوجد بموقع استراتيجي مهم، وكان قبلة للمرضى المصابين بالسل في جميع دول العالم، إلا أن تم تسليمه للوزارة المغربية التي أهملته ولم تعيره الاهتمام المطلوب، ليتحول في رمشة عين إلى أطلال تدمي القلب وتخفي التاريخ المجيد للبناية الاجتماعية ذاتها.

حاولت هسبريس ولوج هذه البناية إلا أن الشخص المكلف بحراستها رفض ذلك بحجة أن هناك بعض النقط داخل البناية غير مؤمنة ويمكن وقوع حوادث، وكذلك أن السلطات أعطته تعليمات صارمة بعدم السماح لأي بالدخول إلى البناية وخوفا من وقوع حوادث مجهولة بداخله، بتعبيره.

معلومات غير رسمية وفرتها مصادر جمعوية بمدينتي إفران وأزرو تشير إلى أن البناية تم تفويتها إلى مستثمرين قطريين، من أجل استغلالها في السياحة ومركز للتدليك؛ وهو ما استنكرته هذه المصادر، التي طلبت عدم تفويته لأغراض السياحة أو التدليك، بل لأغراض الاستشفاء، وفق تعبيرها.

مستشفى وطني لعلاج الأمراض المزمنة

في وقت انتشرت فيه أخبار غير مؤكدة عن تفويت هذه البناية إلى المستثمرين القطريين والتزام السلطات المختصة الصمت مع هذه الأخبار، أكد عدد من المواطنين والفعاليات الجمعوية رفضهم التام تفويت هذه النيابة لأي مشروع استثماري مهما كان نوعه، ملتمسين التدخل لإعادة تأهيل المستشفى وتحويله إلى مستشفى وطني لعلاج مرضى السل والسرطان (الأمراض المزمنة).

وناشدت الفعاليات الجمعوية بإقليم إفران الملك محمدا السادس للتدخل من أجل عدم تفويت المستشفى للمستثمرين لكونه معلمة صحية عالمية، وإعطاء تعليماته من أجل إعادة تأهيله وتجهيزه وتحويله إلى مركز استشفائي وطني لعلاج الأمراض المزمنة، من قبيل السرطان والسل.

وفي هذا الصدد، قال إدريس أورحما، فاعل جمعوي من مدينة أزرو، إن إهمال هذا المستشفى، الذي يعتبر من المعالم الصحية في المملكة المغربية، سيبقى وصمة عار في جبين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي تقوم بتصريف أموال طائلة على بناء مستشفيات جديدة بمواصفات معمارية ضعيفة، مقابل إهمال هذه البناية الكبيرة والمشيدة بطريقة رائعة وجودة عالية.

وأضاف المتحدث ذاته: “ثقتنا في الملك محمد السادس لرد الاعتبار لهذه المعلمة الصحية، وإعادة فتحها في وجه المرضى المصابين بالأمراض المزمنة، لكونها في منطقة تتميز بمناخ وجود جيدة ومياه تخرج من منابع طبيعية”، مشيرا إلى أن إعادة تشغيل المستشفى ستمكن من إعادة الحياة إلى المنطقة بشكل عام.

مسؤول يوضح

مسؤول بإقليم إفران، غير راغب في الكشف عن هويته للعموم، قال إن البناية أغلقت أبوابها منذ السبعينيات من القرن الماضي وتحتاج إلى ميزانية كبيرة لإعادة تأهيلها وتجهيزها، مشيرا إلى أن البناية كانت موضوع مجموعة من الاجتماعات التي عقدها عامل إقليم إفران بخصوصها، وفق تعبيرها.

وجوابا عن سؤال هسبريس حول ما يقال عن تفويتها للقطريين، قال المسؤول ذاته: “لا علمي لي بهذه القضية، وكل ما أعلمه هو أن هناك اجتماعات عقدت في السنوات الماضية للتفكير في طريقة إعادة تشغيلها سواء في القطاع الصحي أو في قطاع أخر حيوي”، ملتمسا بدوره الإسراع في تأهيل البناية وفتحها في وجه العموم.

وأكد المتحدث ذاته، في تصريح هاتفي لهسبريس، أن رفض الفعاليات الجمعوية تحويل البناية إلى مشروع سياحي ومشروع للتدليك هو في محله، خاصة أن البناية كانت تقدم خدمات إنسانية لمرضى السل بجميع دول العالم، ملتمسا أيضا تدخل الملك محمد السادس لحل مشكل البناية، وفق المسؤول الذي فضل عدم البوح بهويته للعموم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى