الصين تندد بفرض دول لفحوصات “كورونا” على الوافدين وتهدد بـ”إجراءات مضادة”

أدانت الصين، الثلاثاء، فرض حوالي عشر دول على المسافرين الآتين من أراضيها إبراز فحص “كوفيد”، محذّرة من أنها سترد بـ”إجراءات مضادة”، فيما أيدت “الغالبية العظمى” من دول الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، إجراء اختبارات “كوفيد” للمسافرين القادمين من الصين قبل مغادرتهم إلى أوروبا على نحو منهجي.
وتشمل البلدان التي تلزم المسافرين القادمين من الصين إبراز فحص “كوفيد” بنتيجة سلبية قبل الوصول الولايات المتحدة وكندا وفرنسا واليابان.
وتشهد الصين زيادة كبيرة في أعداد الإصابات بعدما رفعت الشهر الماضي فجأة، ومن دون استعدادات تذكر، قيودا صارمة للحد من تفشي “كوفيد” تمسّكت بها على مدى سنوات، وهو ما أحدث ضغطا كبيرا على المستشفيات ومحارق الجثث.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ للصحافيين: “فرضت بعض البلدان قيودا على دخول المسافرين تستهدف الصين. يفتقر ذلك إلى أساس علمي، وتعد بعض الممارسات غير مقبولة”، محذرة من أن بكين قد “تتخذ إجراءات مضادة مبنية على مبدأ المعاملة بالمثل”.
الإجراء الأوروبي هو جزء من توصيات اعتُمدت خلال اجتماع لمسؤولي الصحة في الاتحاد الأوروبي عقد الثلاثاء ببروكسل. وستتم مناقشته، الأربعاء، خلال اجتماع يهدف إلى إعداد استجابة منسقة من قبل الاتحاد الأوروبي للارتفاع الحاد في عدد الإصابات بـ”كوفيد” في الصين.
ورغم احتجاجات بكين، أكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، الثلاثاء، أن بلادها ستبقي على قرارها إلزام المسافرين الوافدين من الصين بالخضوع لفحوص “كوفيد”.
وقالت لإذاعة “فرانس أنفو”، في ردّها على سؤال عن رد الفعل الصيني: “أعتقد بأننا نقوم بواجبنا عبر طلب الفحوص (…) سنواصل ذلك”.
وأشارت دول عدة إلى غياب الشفافية في الصين بشأن بيانات الإصابات وخطر ظهور متحورات جديدة كأسباب لفرض قيود على المسافرين الآتين من هذه الدولة الآسيوية.
وأعلنت الصين 22 وفاة مرتبطة بـ”كوفيد” فقط منذ ديسمبر، بعدما حدت بشكل كبير معايير تصنيف هذا النوع من الوفيات.
1600 حالة طوارئ يوميًا
ونقلت وسائل إعلام صينية رسمية، الثلاثاء، عن كبير الأطباء في أحد أكبر مستشفيات شنغهاي قوله إن ثلثي سكان المدينة قد يكونون مصابين بـ”كوفيد-19″ حاليًا، فيما يواجه العمال الصحيون طفرة في الإصابات.
وقدّر تشين إرزين، وهو نائب رئيس مستشفى رويجين وعضو لجنة الخبراء الاستشارية بشأن “كوفيد-19″ في شنغهاي، أن تكون غالبية سكان المدينة، البالغ عددهم 25 مليون نسمة، قد أُصيبت بـ”كوفيد-19”.
وقال لمدونة تابعة لصحيفة “الشعب” الناطقة باسم الحزب الشيوعي: “بات انتشار الوباء في شنغهاي واسع النطاق جدًا، وقد يكون طال 70 بالمائة من السكان، أي أكثر بـ20 إلى 30 مرة من النسب المسجلة” في أبريل ومايو.
وعانت شنغهاي من إغلاق عام صعب امتدّ شهرين ابتداء من أبريل، وأُصيب خلاله أكثر من 600 ألف من السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة، ونُقل العديد منهم إلى مراكز للحجر الصحي.
وتنتشر متحورة “أوميكرون” حاليًا على نطاق واسع في جميع أنحاء المدينة.
وفي مدن رئيسية أخرى، بما فيها بكين وتيانجين وتشونغتشينغ وغوانغزو، أشار مسؤولو الصحة الصينيون إلى أن الموجة الوبائية بلغت ذروتها.
وفي مقاطعة تجيجيانغ المجاورة، أعلنت سلطات مكافحة الأمراض، الثلاثاء، تسجيل مليون إصابة جديدة بـ”كوفيد-19″ في الأيام الأخيرة.
ولفت تشين إلى أن المستشفى الذي يعمل فيه بشنغهاي يستقبل 1600 حالة طوارئ يوميًا- ضعف العدد الذي كان مسجّلًا قبل رفع قيود “كوفيد-19″- 80 بالمائة منهم مصابون بـ”كوفيد-19”.
ونُقل عنه قوله إن “أكثر من 100 سيارة إسعاف تصل إلى المستشفى يوميًا”، مضيفًا أن نحو نصف حالات الطوارئ كانت لأشخاص من الأكثر عرضة للخطر وتزيد أعمارهم عن 65 عامًا.
وفي مستشفى تونغرين وسط مدينة شنغهاي رأى مراسلو وكالة “فرانس برس”، الثلاثاء، مرضى يتلقون رعاية صحية طارئة خارج مدخل الطوارئ المزدحم.
واكتظت الممرّات بعشرات المرضى المسنين الذين استلقوا على أسرة مكتظة، حيث تم وصلهم بمضخات التسريب الوريدي.
وفي مستشفى آخر كانت “فرانس برس” شاهدة على شجار بين امرأة ورجل أكبر سنا يحاولون تأمين مضخة للتسريب الوريدي.
وقالت المرأة: “وصلت أولا. أنا هنا لأحصل على الحقنة أيضا”.
“وباء ريفي”
وتستعدّ السلطات الصينية لمواجهة طفرة وبائية جديدة تضرب المناطق الريفية الداخلية التي تعاني من نقص الموارد، فيما يستعدّ ملايين الأشخاص للسفر إلى قراهم لقضاء عطلة رأس السنة القمرية الجديدة ابتداء من 21 يناير.
وأقرّ المسؤول في لجنة الصحة الوطنية، جياو ياهوي، بأن التعامل مع الزيادة المتوقعة في الإصابات بـ”كوفيد-19″ في المناطق الريفية سيكون “تحديًا هائلاً”.
وقال جياو لقناة “سي سي تي في” التلفزيونية، الاثنين، إن “أكثر ما يقلقنا هو أن أحدًا لم يعد إلى مسقط رأسه خلال رأس السنة القمرية في السنوات الثلاث الماضية، لكنهم باتوا قادرين على ذلك أخيرًا هذا العام”.
وأضاف “نتيجة لذلك قد يكون هناك تدفّق هائل لسكان المدن على الريف لزيارة أقاربهم، لذلك نحن قلقون أكثر من الوباء الريفي”.