نهائيات كأس إفريقيا للاعبين المحليين تدخل التحرشات الجزائرية الحلبة الرياضية

ما زالت مشاركة المنتخب لأقل من 23 سنة في منافسات “بطولة إفريقيا للاعبين المحليين” (المعروفة اختصارا بـ”الشان”)، التي تستضيفها الجزائر بين 13 يناير و4 فبراير المقبلين، محط تساؤل في أوساط الرأي العام الرياضي والشارع المغربي بشكل عام.
واستأثرت ظروف استقبال المنتخب الوطني المرتقب مشاركته بـ”شان الجزائر 2023″ بحيز كبير من اجتماع المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أمس الثلاثاء، بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة ضواحي سلا؛ فقد جرى التذكير بمراسلة الكونفدرالية الإفريقية للعبة ذاتها بخصوص “احترام بنود دفتر التحملات لاستضافة البطولات الإفريقية، فيما يخص تسهيل ظروف المنتخبات المشاركة بالبطولة”.
وفي حالة عدم الاستجابة بعدم إقرار خط جوي مباشر إلى مدينة قسنطينة، التي ستستضيف مباريات النخبة المغربية في هذه البطولة، عبر رحلة مباشرة انطلاقا من العاصمة الرباط بطائرة خاصة للخطوط الملكية المغربية الناقل الرسمي للمنتخبات الوطنية، فقد قرر المكتب المديري بالإجماع عدم المشاركة في هذه البطولة.
كما تشكل الإجماع بين مسؤولي الكرة المغاربة على التهديد بـ”مقاطعة” كأس إفريقيا للاعبين المحليين بالجزائر؛ في مؤشر واضح على امتداد الصراع السياسي من “ردهات الدبلوماسية وكواليسها” بين البلدين إلى “حلبة التنافس الرياضي”.
القرار السيادي لاتحاد الكرة المغربي، الذي اشترط بوضوح “سفر المنتخب عبر رحلة مباشرة من الرباط إلى قسنطينة أو عدم المشاركة في الشان”، وضع الجزائر وسلطاتها في حرج ليس مع جيرانها فحسب؛ بل تجاه باقي الدول الإفريقية والـ”كاف”، لا سيما بعد مراهنة الجزائر قوية على دعم القارة لقلب الطاولة على المغرب في ملف تنظيم “كان 2025”.
وكانت الجزائر قد سارعت، عبر قرار أحادي، في شتنبر 2021، إلى إغلاق مجالها الجوي أمام مختلف الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، التي تحمل رقم تسجيل مغربيا؛ وهو ما اعتبرته الرئاسة الجزائرية، حينها، ردا على “الممارسات العدائية من المغرب”، بينما أعلنت المملكة رفضها القاطع للمبررات “الزائفة والعبثية” التي بنت الجزائر عليها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.
نسق عدائي متأجج
خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في وجدة، أبرز أن “الجزائر تستنفر نفسها لمعاداة المغرب في كل الاتجاهات إلى الحد الذي تتمنى فيه إيقاف ذرات الهواء من المرور إلى المغرب”، موضحا أن “قرار إغلاق المجال الجوي أمام طائرات المغرب ليس سوى آخر حلقة في مسلسل الاستعداء المستمر ضد مصالح المملكة”.
وأكد شيات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السلوك الجزائري “يدخل في هذا النسق العدائي المتأجج للجزائر التي تدّعي بأن المغرب هو من يستعديها، كما أنها تتباكى أمام العالم بتصريف الأزمة؛ باعتبارها استراتيجية تنهل من مجموعة مدارس استخباراتية أجنبية”، لافتا إلى أن “النظام الجزائري، ورغم ادعائه الكاذب بأنه ليس ضد الشعب المغربي، فهو لا توجد لديه استثناءات إنسانية أو غيرها”.
“عقيدة العداء ضد المغرب تزايدت وتيرتها مع الإنجاز الكروي التاريخي للمنتخب الأول في نهائيات مونديال قطر 2022″، سجل الخبير في العلاقات الدولية الذي أكد أن “الأصل هو مشاركة الفريق المحلي المغربي لكرة القدم بشكل مرحب به، كما تقتضي ذلك أعراف الترحيب في التظاهرات الرياضية بعيدا عن حسابات السياسة”.
واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أنه “يُفترض أن مشاركة وزير الخارجية المغربي في القمة العربية الأخيرة نونبر الماضي، كما هو سفر المنتخب المغربي للمشاركة في بطولة قارية، يجب أن تكون أمور بعيدة عن حسابات السياسة والصراع الدبلوماسي”؛ لكن “النظام الحالي الذي وضع تبون كواجهة له، يعد نظاما انفعاليا”.
ولفت شيات إلى أن “الجزائر ستُصرّف الطلب المغربي والشرط السيادي بتوفير خط جوي مباشر لرحلة منتخب “الشان”، في الإعلام؛ كما لو أن المغرب يستجدي الجزائر لفتح الأجواء أمام الطيران المدني المغربي، بينما الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أنه “ليس هناك رؤى مدنية عقلانية في الجزائر بل هي رؤى عسكرية بدون أفق محكومة بمنطق التجابه والتصادم؛ ما يفوّت مناسبة رياضية، مجددا، من لعب دورها كـفرصة للجمع والتأليف بين الشعوب”.