أخبار العالم

فاعلون مغاربة يطالبون بإجراءات عملية في محاربة ترويج الأخبار الزائفة



نقاش حول الحاجة إلى محاربة الأخبار الزائفة بالمملكة شهدته العاصمة الرباط، ساءل فيه مسؤولون ورؤساء مؤسسات دستورية ومهنيون دور الإعلام ومسؤولية المجتمع في الحد من الظاهرة المستفحلة في زمن “الثورة الرقمية”.

سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، عدَّ انتشار الأخبار الكاذبة “انتهاكاً جسيماً لحق المواطنين والمواطنات في الحصول على المعلومات الموثوقة والدقيقة”؛ لأن “مثل هذه الأخبار تشكل خطراً داهماً على عقل الإنسان ونفسيته، وتهدد المجتمع برمته في أمنه واستقراره”، وزاد: “تفشي الأخبار الكاذبة يمثل الأداة المفضلة لتضليل الرأي العام ودفعه إلى تبني مواقف معينة بالارتكاز على معلومات مغلوطة”.

وأضاف المودني: “إذا كانت التقنيات التكنولوجية الحديثة لعبت دورا محوريا في التعريف بمجموعة من المسارات الديمقراطية عبر العالم فإن الواقع على الأرض يثبت أنها مهدت الطريق كذلك لانتشار الأفكار المثيرة للانقسامات والنعرات، والمحتوى المحرض على الكراهية، سواء في وسائل الإعلام الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي”.

وحمل رئيس منتدى الصحافيين الشباب جزءا من مسؤولية انتشار الأخبار الزائفة لـ”تبخيس دور الصحافي المهني وإغراق المهنة بعدد من المتطفلين الذين ينتحلون صفة الصحافيين”، وهو ما دعا إلى “التصدي له عبر إعادة الاعتبار لمهنة الصحافي، لأن التجارب أثبتت أنه لا يمكن تعويضه”؛ فـ”حقّ الحصول على المعلومات الموثوقة والدقيقة من وسائل الإعلام بمختلف تلاوينها حق أساسي للمواطنين يُمَكِّنُهم من متابعة كل المسائل المتعلقة بالشأن العام وفهمها، وبالتالي يساعدهم على بناء أفكارهم وآرائهم حول مجمل القضايا التي تهمهم على النحو الأمثل”.

مصطفى أمدجار، الكاتب العام بالنيابة لقطاع التواصل، في كلمة ألقاها باسم وزير الشباب والثقافة والتواصل، كشف وجود “تفكير جار في خطة وطنية من أجل وضع التربية على وسائل الإعلام في التعليم”، لأن هذا يهم الصغار والكبار، في سبيل “تفكير نقدي تجاه الإعلام والشبكات الاجتماعية، ومساءلة البيانات، والتثقيف للتعامل مع الكم الهائل من الأخبار والبيانات”.

وذكر المتدخل أن “موضوع الصدقية” مطروح حتى قبل وسائل الإعلام التقليدية، لكن “مع الثورة التكنولوجية وما أفرزته أصبحت تُطرَح إشكالات الأخبار الزائفة بشكل أكثر حدة وخطورة”.

هذه “المعضلة” لا تقتصر تأثيراتها، وفق المتحدث، على فئة معينة من المجتمع، بل “تتخذ أبعادا تقوض الاستقرار المجتمعي، والمكتسبات في بناء مجتمع منظم يحترم القواعد المتعارف عليها”.

وقدم أمدجار عددا من الأمثلة في سبيل مكافحة الأخبار الزائفة، مثل “العمل على تعزيز حرية الرأي والتعبير، والصحافة المهنية، كما عززت في دستور 2011، لأن حرية الصحافة مضمونة ولا يمكن تقييدها بأي شكل من الأشكال، لبناء منظومة إعلامية وطنية”، و”حتى يلعب الصحافي دور الوسيط في ظل التدفق العالي للمعلومة”، كما تحدث عن مدونة الصحافة، والتنظيم الذاتي للمهنة، ووضع الصحافي المهني، وتطوير نماذج أخرى لـ”تمنيع النموذج الاقتصادي” لوسائل الإعلام، قائلا إن هذا نابع من “قناعة راسخة بأن الصحافة ركيزة أساسية في البناء الديمقراطي”.

حسن فرحان، قاض رئيس وحدة قضايا الصحافة بالنيابة العامة، قال من جهته إن موضوع الأخبار الزائفة راهن، ويهم موضوع “تكريس الحق في الإعلام كداعمة أساسية لحرية الرأي والتعبير”.

ويرى المتحدث ذاته أن هناك اليوم تدفقا هائلا للأخبار “أحدث ارتباكا وعدم استيعاب للمتلقي”، وتابع: “الأخبار الزائفة تعاظمت في العصر الحالي، والمنابر الإعلامية لم تستطع مسايرة سرعة انتشار الأخبار الزائفة، وأهم ما تسعى إليه هدم عنصر الثقة، التي هي أساس الاستقرار الاجتماعي، وهي وسيلة لهدم النظام العام وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للأفراد”.

واستحضر فرحان “نقاشات وكتابات رسمت صورة سلبية لإنشاء رئاسة النيابة العامة، ما خلق لدى المواطن إحساسا بخطر وهمي، حتى قبل نقل السلطة إليها”، ثم قدم أمثلة حول “عمل النيابة العامة في الانفتاح على وسائل الإعلام لتقديم الصورة الحقيقية والإطار القانوني المنظم لصلاحياتها”، مع اعتمادها “مبدأ النشر الأقصى للمعلومات”، استجابة لقانون الحق في الحصول على المعلومات، و”تكوينها قضاة النيابة العامة لتنوير الرأي العام، بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال”.

كما تحدث رئيس وحدة قضايا الصحافة بالنيابة العامة عن تعامل المؤسسة مع “التشكيك، وفبركة البلاغات الرسمية، الذي عرقل عمل السلطات العمومية خلال فترة الحد من انتشار فيروس كورونا”، وهو ما تم معه “ضبط المتورطين ومتابعتهم كأولوية مرحلية للنيابات العامة، مع فتح قنوات التواصل مع الرأي العام إعلاميا وعبر بلاغات”.

عبد الغني بردي، ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحدث عن “وباء الإعلام والتضليل”، مميزا بين “الأخبار الزائفة والتضليل، فالثاني تحركه النية في الفعل، وهي مكون أساسي في تعريف التضليل”، علما أن أبعاده “مهولة، في ظل إمكانية الانتشار غير المسبوقة، خاصة في التطبيقات التواصلية المشفرة”.

ويرى بردي أن التضليل يهدد قِيَم الكونية، وقد “يصل إلى حد المس بالحق في الحياة، مثل فترة ‘كوفيد’، ويمس بجوهر الديمقراطية (…) وهو ما يستفحل بشدة خلال الأزمات والتظاهرات الكبرى، وقد تتغذى به مواقع إعلامية”.

كما ذكر المتدخل أنه “في ظل غياب أي تنظيم ذاتي لعمالقة النشر الإلكتروني (مثل غوغل وفيسبوك) وتفلتهم من المسؤولية عن النشر، تبقى مسؤولية مواجهة التضليل مجتمعية بالأساس؛ أي مسؤولية المؤسسات الوطنية والقطاعات للتحسيس والتوعية والوقاية، ومسؤولية اجتماعية للصحافة والإعلام، تقتضي عدم السقوط في التضليل وممارسته، بتدقيق المعلومات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى