آخر خبر

عام جديد وقراءة عجلى في الأحداث


أيام قلائل وستطوى سجلات العام 2022م، وسيحتفل العالم بميلاد عام جديد، وغالبا ما تشكل هذه اللحظة الزمنية فرصا لاستذكار أهم الأحداث الماضية وعلاقتها بتنبؤ المستقبل وتحليل الوقائع كما يقول آلفين توفلر، ولهذا تظل العشرون عاما الماضية من أهم فترات التاريخ المفصلية في العصر الحديث كونها رسمت تفاصيل مهمة من ملامح مستقبل المقبل من القرن الحادي والعشرين.

بداية العقد الأول شهدت أحداثا دراماتيكية بسقوط برجي التجارة العالمية في نيويورك، ردة الفعل الأمريكية بقيادة الجمهوري بوش الابن – سليل أسرة سياسية عريقة – كانت عنيفة وغريبة ضد المنطقة، فإيران الغارقة في الإرهاب والتي تصف الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر كانت مختنقة بوجود نظامين جارين سنيين في بغداد وكابول، لكن الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق وسقوطهما قد منح الملالي مساحة أكبر للتغول في المنطقة، حرائق طائفية وفتن مذهبية وتدخلات في شؤون دول المنطقة وعواصم عربية تسقط في وحل الحرس الثوري.

أوباما أول رئيس ملون يصل سدة البيت الأبيض، يقدم وعودا بعالم أفضل، لم تكن فترة الديمقراطي بأحسن حال من سلفه الجمهوري بل كانت هي الأسوأ في تاريخ العلاقات الأمريكية العربية، دشن مرحلته بانسحاب لا مسؤول من العراق وقدم حضارة بابل التليدة هدية مجانية لعمائم طهران، لكن أدهى مرحلته كانت خفايا وملابسات الربيع المزعوم، فكرة التغيير القسري للأنظمة العربية وفرض الإخوان كواجهة سياسية في المنطقة باءت بالفشل الذريع، إيران اعتبرت الأوبامية فرصة سانحة للتعمق أكثر في البلاد العربية فسقطت صنعاء بيد ميليشيات الحوثي المدعومة من طهران، أوباما أعلن رسميا أنه قتل رأس التطرف والإرهاب السني وقائد تنظيم القاعدة ورمى بجثمانه في أعماق البحر.

أنصار الديمقراطية الغربية اعتبروا وصول رجل المال والأعمال دونالد ترمب إلى سلطة الحكم في واشنطن انتكاسة في تاريخ الديمقراطية، ليس لديه خلفية سياسية لكنه فاجأهم بشعبيته الجارفة وصدمهم بجراءته الفجة، كشف عن غير قصد عوار الديمقراطية ووحشية الرأسمالية الغربية، هاجموه في كل وسائل الإعلام وأقفلوا حساباته في منصات التواصل الاجتماعي وحاربوه حتى أخرجوه من البيت الأبيض، اعتبر ترمب الصين عدوته الأولى، هاجمها في كل خطاباته الرسمية حتى جائحة كورونا سماها الفيروس الصيني، وقد أعلن ذات مرة عن نجاح عملية أمريكية خاصة استهدفت رأس الإرهاب الشيعي في الشرق الأوسط وقائد فيلق القدس الإيراني.

نجح الديمقراطيون بالعودة للحكم عبر جو بايدن، صاحب التجربة العريقة في الكونجرس الأمريكي، أحيا حلف الناتو من جديد بعدما اعتبره الفرنسيون ميتا سريريا، استهل مرحلته بانسحاب متسارع للقوات الأمريكية في كابول، واعتبر بوتين روسيا عدوه الأول، وبالفعل وقعت موسكو في فخ أوكرانيا، سلسلة متدفقة من العقوبات الاقتصادية فرضها بايدن وحلفاؤه الأوروبيون على روسيا، أما بوتين فراهن على سلاح الغاز، ولا زال حتى اللحظة يراهن على شتاء أوروبا القارس لتركيع الأوروبيين أمام طاقته الرخيصة.

وفي الختام، 2022م ينتهي بثورات شعبية متفاقمة في كل أقاليم إيران، ونفسها طهران تكتوي بحرائق الفتنة التي طالما أوقدتها في المنطقة، كما ينتهي العام بانتصارات وأفراح عربية، قطر تنجح وتبهر الجميع باستضافة كأس العالم، والمنتخب السعودي يفوز على الأرجنتين بطل العالم، وتونس تهزم الوصيف فرنسا، والمغرب تصل إلى دور نصف النهائي، وسياسيا، نجاح للدبلوماسية السعودية والسياسة العربية باستضافة قمتين عالميتين، الأولى مع الولايات المتحدة والثانية مع الصين، قمتان ناجحتان بكل مقاييس الدبلوماسية والسياسة الخارجية، ولا غرو، فمهندس السياسة العربية بارع في جني ثمار رؤيته الوطنية، هنيئا لنا بولي العهد، الأمير الملهم محمد بن سلمان، حفظه الله.

[email protected]



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى