آخر خبر

الذين يسقطون من الحافلة! | صحيفة مكة


في رحلة التنمية يوجد الرابحون وكذلك يوجد الخاسرون، ودعونا نقل إنه يوجد سقوط لبعض الركاب من هذه الرحلات التنموية، ولنقل إن رحلة من القصيم للرياض تنطلق كل يوم لأداء أعمالهم على أن يعودوا لبيوتهم قبل نهاية اليوم، أثناء هذا العمل لن يستمر جميع العمال هم أنفسهم يستقلون الحافلة، فثمة أسماء ستسقط من الحافلة، المريض لن يتمكن من ركوب الحافلة حتى يشفى، والذي قرر أن يترك العمل لن يركب الحافلة بعد اليوم، والذي اختلف مع مديره وقرر مديره أن يتخلى عنه لسبب ما سيطلب عدم السماح له بالعودة بالعمل، الموارد البشرية بدورهم سيرسلون ورقة لإدارة النقل بعدم السماح له بالركوب، وثمة راكب جديد سيحل محله لأن مديرا آخر طلب هذا المقعد لموظف آخر، وبعد مرور سنة أو سنتين أو حتى عشر سنوات ربما لن يبقى بالحافلة إلا واحد أو اثنان أو عشرة، وربما لن يبقى أحد من الذين ركبوا أول مرة بما ذلك قائد الحافلة الذي يعد الركاب قبل ركوبهم وبعد نزولهم.

دائما لكل عمل هناك من يسقط من حافلته، ويأتي غيره، قد يكون ضحية، فأي فكرة إدارية أو اقتصادية إصلاحية لا بد لها من ضحايا (هم الذين يسقطون من الحافلة) ويركب ركاب آخرون هم مستهدفون بركوب الحافلة، فإن كانت صناعة الأحذية الجلدية تأخرت كثيرا مقابل صناعة الأحذية القماشية، فمما لا شك أن صناع الأحذية الجلدية المتعصبون لها سيسقطون بينما سينجح صناع الأحذية القماشية الجديدة، إلا من يواكب التغييرات ويغير نشاطه أو مهاراته، أيضا أولئك الذين يظنون التعليم الثانوي كافيا للحصول على وظيفة جيدة مخطئون لأنهم سيسقطون من الحافلة، صحيح أنهم ظنوا أنهم على حق لأن جدهم كان يحمل الشهادة المتوسطة ويحتل منصب مدير عام، لكن الوضع تغير الآن، فلا يضمن – الآن – حامل درجة الماجستير أن يرشح لوظيفة مرموقة إن لم يكن على قدر من الكفاءة تضاف إلى شهادته العلمية!

السقوط ليس سيئا بل يمكن اعتباره – إن قلنا إن أحدهم لمّاح وذكي – رسالة تطلب من صاحبها الالتفاف حول كفاءته أو حول مؤهلاته أو حول المجال القديم الذي يعمل به، ليتحول بشكل عاجل إلى كفاءة أعلى أو مؤهل أفضل أو مجال عمل مستقبلي ومستهدف بدلا من مجال قديم (مواكبة التغيير)، والدول التي ترى بعض أفرادها يسقطون نتيجة قراراتها لا يضيرها ذلك كثيرا، فهي ترى أن المستفيدين من القرار أكثر بكثير من المتضررين منه، فلذلك عليها أن تمضي قدما فيه، فالمتضررون من منع الاحتطاب كثر، فلن يستمتعوا بحطب الأرطى أو السمر في التدفئة بعد الآن، سيضطرون إلى شراء فحم أسود مكعب بدلا منه، هذه المتعة التي حرم منها بعض الناس تعتبر طبيعية جدا مقابل الحفاظ على بيئة وغطاء نباتي طبيعي من أجل مستقبل الأجيال!، فالضرر الذي يقع على قلة قليلة ليس مبررا كافيا لإثبات سوء بعض القرارات، لأن أي قرار لا يوجد منه ذلك القرار الخالي من الضحايا.

ربما على أصحاب القرارات أن تكون قرارتهم كالآتي: قرار بأقل الأضرار وبأكثر المنافع، وعلى الأفراد أن يسعوا إلى ألا يكونوا في الدائرة التي فيها الأضرار حتى لا يضطروا أن يكون نصيبهم من تطوير أنفسهم هو اللعن والشتم للزمن الجديد، بل العاقل لو قدر له أن يكون في تلك الدائرة، دائرة المتضرر، ربما فتح الأمر له آفاقا جيدة، وتعني: أنك كنت في الطريق الخطأ وعليك تصحيح الطريق، لديك العقل والعمر والوقت الكافيان لتصحيح الأمر، بدلا من لعن الظلام أوقد شمعة!

بقي شيء أخير يتعلق بالحافلة، توجد حافلة جيدة وحافلة رديئة، توجد حافلة تصل للرياض بالوقت المحدد وحافلة تضل الطريق في كل رحلة، أيضا توجد حافلة لا يوجد فيها أحد!

[email protected]



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى