أخبار العالم

التأهب للأوبئة يسائل فعالية أنظمة الرصد والمراقبة في المغرب وعبر العالم



في أوج انتشار الجائحة المرتبطة بتفشي فيروس “كورونا” خلال العام 2020، اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في جلسة عامة في دجنبر 2020، إعلان يوم 27 دجنبر من كل سنة باعتباره “اليوم الدولي للتأهب للأوبئة”.

ودعت الجمعية العامة الأممية “جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والإقليمية الأخرى والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما فيها المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والأفراد، إلى الاحتفال باليوم الدولي للتأهب للأوبئة سنويا بصورة لائقة، وفقاً للسياقات والأولويات الوطنية، من خلال أنشطة التثقيف والتوعية، من أجل إبراز أهمية منع انتشار الأوبئة، والتأهب لها، والشراكة في مواجهتها”.

وفي تحديث سنوي شمل حصيلة الصحة العالمية لعام 2022، حذرت الأمم المتحدة من أن “جائحة كوفيد-19 لا تزال مدعاة للقلق العالمي، فيما أدى تفشي الكوليرا والإيبولا وجدري القردة (الذي أعيدت تسميته الآن باسم Mpox) إلى تعبئة العاملين في مجال الصحة والإغاثة لاحتواء الأمراض وإنقاذ الحياة”.

وبينما نبهت المنظمة الأممية من توجه العديد من البلدان إلى “تخفيف الإغلاقات والقيود الأخرى على التنقلات”، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن “المرض لا يزال يمثل تهديداً”، وأن جائحة كوفيد-19 “لم تنتهِ بعد”.

وطنياً، كانت وزارة الصحة قد استبقت الجائحة الحالية مبكرا منذ 2019 بإحداث “المركز الوطني لعمليات الطوارئ في مجال الصحة العامة”، ومراكز جهوية لعمليات الطوارئ في مجال الصحة العامة، إضافة إلى إحداث فرق متعددة التخصصات للاستجابة السريعة على مستوى الجهات والأقاليم والعمالات.

وفي إطار تفعيل مخطط الصحة 2025، عززت المملكة قدراتها في مجال الرصد المبكر والاستعداد والاستجابة بشكل سريع وفعال لحالات الطوارئ في مجال الصحة العامة، مرتكزة على “اليقظة الصحية والإنذار المبكر، والاستعداد لمواجهة الأوبئة المحتملة وحالات طوارئ الصحة العامة كيفما كان مصدرها، مع إنجاز تمارين المحاكاة”.

كما تنص الاستراتيجية المغربية للتأهب الوبائي على “تدبير الأوبئة وحالات طوارئ الصحة العامة الأخرى، لاسيما تلك المتعلقة بالأمراض المعدية، والتحضير والاستجابة السريعة لتهديدات الصحة العامة الناتجة عن الكوارث والحالات الاستثنائية”.

كما شرعت الوزارة الوصية منذ سنة 2017 في تكوين الفرق الصحية متعددة التخصصات للاستجابة السريعة وفقا لما توصي به المنظمة العالمية للصحة، كما توصلت مؤخرا بالتجهيزات المعلوماتية والتواصلية اللازمة للتنسيق بين مختلف المستويات.

المراقبة والرصد

الدكتورة هند الزين، مستشارة دولية متخصصة في الصحة العامة وعلم الأوبئة الميداني، أكدت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الاستعداد والتأهب للأوبئة يتمان وفق قانون اللوائح الصحية الدولية الذي تعتمده منظمة الصحة العالمية”، لافتة إلى أن “جميع الدول مطالبة بأن تعتمد المراقبة الوبائية فوق أراضيها وفي نقط العبور والمطارات والموانئ أو الممرات الحدودية”.

وعدّدت الزين إجراءات هامة خاضعة لمعايير أممية، تتمثل في “وضع وتقوية الأنظمة الصحية، مع توفير التغطية الصحية الشاملة، وتعزيز الإجراءات والتدابير، ووضع برامج صحية لمكافحة الأمراض، فضلا عن المراقبة الوبائية للكشف المبكر عن الأمراض، التي قد تتطور إلى وباء قد يهدد الصحة العامة؛ ثم إعداد البلدان بصفة عامة والمنظومات الصحية بشكل خاص للتصدي لطوارئ الصحة العامة”.

وتابعت الخبيرة في مجال الوبائيات قائلة: “هناك 19 قدرة خاصة تتعلق بثلاثة محاور: الوقاية، ثم الرصد والمراقبة الوبائية، فالاستجابة ضد الأوبئة والجوائح”. قبل أن تحذر من “الأنفلونزا باعتبارها فيروسا يتغير باستمرار ويشكل تهديدا كبيرا للصحة العامة قد يتسبب في جائحة مثلما حدث سنوات 1918 و1957 و1968”. وخلصت إلى التأكيد على أهمية “البحث العلمي، سواء في مراحل التشخيص أو الوقاية أو العلاج”

“مأسسة التأهب”

من جهته، أوضح الطيب حمضي، الخبير الباحث في النظم والسياسات الصحية، أن الباحثين والخبراء يتحدثون حاليا عن “دخول عصر الجوائح”، مشيرا إلى أن وتيرة إمكانية ظهور وباء جديد أو متحورات مستجدة منه أصبحت كل 3 أو 4 سنوات؛ وهو ما يؤكد، بحسبه، إلحاحية وضع مؤسسات وهيئات خاصة بتدبير طوارئ الصحة العامة ومدها بوسائل الاشتغال الكافية.

وأضاف حمضي، في تصريح لهسبريس، أنه خلال الـ40 سنة الأخيرة عاشت البشرية على إيقاع أوبئة تحول بعضها إلى جوائح، ضاربا المثل بـ”جنون البقر، الكوليرا، السيدا، إيبولا، جدري القردة، إنفلونزا الطيور، فضلا عن جائحة H1N9 في 2009 وسارس كوف-2 في 2019”.

“المغرب دبّر بشكل جيد أوبئة عالمية مثل كوفيد-19 وجدري القردة، اللذين ميّزا الصحة العامة خلال 2022″، يقول الخبير الصحي، مؤكدا أهمية “أنظمة الرصد والإنذار وبرامج تدابير الأزمات الصحية، فضلا عن الاستعداد عبر حلول الوقاية ومنها التلقيح”.

ولفت حمضي إلى أن “مجموعة من الأمراض والأوبئة تكون في بدايتها وباء محليا قبل أن تتحول إلى جوائح كونية قاتلة”، ضاربا المثل في هذا الصدد بمتحورات الأنفلونزا وفيروس سارس 2003 في آسيا قبل أن يتحور إلى سارس كوف2 في ووهان الصينية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى