أخبار العالم

كتاب جديد يستعرض “وثائق مرجعية” حول التراكمات الثقافية والقانونية للأمازيغية



عمل يشجع على “تملك واع للقضية الأمازيغية” صدر حديثا للباحث يحيى شوطى يقدم فيه “وثائق مرجعية” تقدم التراكمات الثقافية والقانونية لهذا الملف الثقافي واللساني والسياسي بالمغرب.

بعنوان “الأمازيغية من خلال وثائق مرجعية.. مساهمة في تعزيز الوعي الثقافي والقانوني”، يضم هذا الكتاب الجديد 58 وثيقة قانونية وتنظيمية مرتبطة بالأمازيغية ما بين سنة 1914 وسنة 2021.

وسجل المؤلف أن الأمازيغية “من اللغات التي صمدت آلاف السنين على الرغم من التحديات السياسية والثقافية والاجتماعية التي عرفها المغرب عبر تاريخه الطويل”، وهو ما يرجح أنه يعود “جزئيا إلى كونها لغة سكان المغرب الأصليين؛ لكنه يرتبط أيضا بامتلاك الأمازيغية لمؤهلات تجعلها قابلة للاستمرار والتجدد، دون القفز على حقيقة ما بات يتهدد الأمازيغية من تهديدات ليس أقلها تصنيفها ضمن اللغات المهددة بالانقراض”.

وأضاف الباحث: “تناول القضية الأمازيغية لابد له أن يكون في شموليتها كقضية هوية ثقافية حضارية متكاملة الأبعاد”؛ لأن “التنوع الثقافي واللساني حقيقة واقعة بالمغرب، لا تحتاج إلى إثبات (…) لكن هذا التنوع في الوقت نفسه وحدة، وحدة لحمتها التاريخ والتراث والدين وغيرها كثير. وفي إطار هذه الوحدة فإن تراث المغرب- ملك لكل المغاربة- والاعتناء به واجب كل واحد منهم”.

ويتابع الكتاب: “لقد عاشت الأمازيغية، منذ تأسيس أول إطار مدني سنة 1967 إلى التوقيع على ميثاق أكادير سنة 1991، محطات مهمة ومفصلية كانت بمثابة نقاط تحول هامة في مسار القضية”، قبل أن يتوقف عند ما “شكل أرضية مهمة يمكن الوقوف عليها لرصد تحول الوعي والعمل على القضية الأمازيغية”.

ويزيد: “شهدت “الحركة الأمازيغية” تطورات وتموجات في عملها المطلبي، وأنتج العديدون من أبنائها أعمالا مهمة في المجال الثقافي والجمعوي والإعلامي وفي البحث الأكاديمي (…) وشكل مطلب دسترة اللغة الأمازيغية رهانا سياسيا في المقام الأول ضمن البرنامج النضالي للحركة الأمازيغية، وجاء النضال للنهوض بالثقافة الأمازيغية بوصفه جوابا طبيعيا على الوضعية التي عاشتها الأمازيغية هوية ولغة وثقافة”.

ويخلص العمل إلى أن الأمازيغية قد “استطاعت، من خلال مسيرة ربع قرن ونيف، أن تراكم عددا من المكتسبات من مختلف الجوانب. ولعل تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية 2001، وتأسيس القناة الثامنة 2010، وإدراج الأمازيغية في منظومة التعليم العالي منذ سنة 2006 بالنسبة لسلك الماستر، وبالمقابل انطلق العمل بمسلك الدراسات الأمازيغية منذ الموسم الجامعي 2007/2008، وغيرها من المسالك الجامعية بجامعات أخرى (…) تراكم أسفر عن دسترة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للدولة في دستور 2011”.

وسجل الباحث أن “هذا المقتضى الدستوري الجوهري” قد “جعل من الأمازيغية رصيدا مشتركا لكل المغاربة، مما يضع الجميع دون استثناء، أمام المسؤولية الوطنية المتمثلة في الحفاظ عليها”، وهي “مكتسبات تعكس حجم التحول الإيجابي تجاه الأمازيغية”.

لكن هذه المكتسبات لا تنفي، وفق شوطى، كون “إعادة الاعتبار للأمازيغية، باعتبارها ورشا وطنيا مهما، لا يزال في أمس الحاجة إلى تضافر جهود كل الخيرين والوطنيين من أجل تجاوز عثرات الماضي واستحضار تحديات الحاضر من أجل استشراف قوي ومتبصر لمستقبل أفضل للأمازيغية”.

وزاد: “كما أن تقييم تطور خطاب الحركة الأمازيغية عبر العقود الأخيرة من الزمان شيء مهم وضروري، لتفادي ما يمكن أن يشوش على الأهداف والمقاصد التي رامت إلى تحقيقها عبر عملها المتواصل ونضالها المستميت؛ وهو ما يستلزم طرح عدد من الأسئلة الموجِّهة حول مستقبل الفكرة الأمازيغية في تطور وامتداد مسارها”.

وفي سبيل الإسهام في الوعي بـ”القضية الأمازيغية”، يقدم الكتاب “مادة تاريخية أرشيفية ستنفع كل مهتم بالأمازيغية”، استلهمها الكاتب من فترة عمله مستشارا لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني حين لاحظ “أن أول عقبة تعترض أي مهتم بالأمازيغية ومساراتها هو افتقادها، للأسف الشديد، لأي كتاب يضم مختلف الوثائق الرسمية التي تشكل مرجعيات في مختلف المجالات ذات الصلة بالأمازيغية”.

وأكد الباحث أن “مستقبل الأمازيغية لا يمكن أن يصل مداه المنشود بدون مساهمة الجميع، من مؤسسات الدولة وأحزاب ومسؤولين ومنظمات”؛ فهذه “مسؤولية وواجب وطني استراتيجي لا مكان فيه للتمييز بين الناطقين بالأمازيغية وغير الناطقين بها، يروم تحقيق مجتمع متوازن تضمن فيه حقوق المواطنة والديمقراطية، ومن شأنه في الوقت نفسه ضمان استمرار المغرب التاريخي والحضاري في انسجام خلاق مع هويته الجامعة وحضارته المتجذرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى