إعلاميون ونقابيون يأملون مراجعة قوانين الصحافة والنشر والتنظيم الذاتي للمهنة

احتضن مجلس النواب الأربعاء 21 دجنبر الجاري لقاء دراسيا حول الإعلام الوطني والمجتمع، تحت شعار “الإعلام الوطني والمجتمع: تحديات ورهانات المستقبل”، بمشاركة عدد من المهنيين والنقابيين.
وطالب عدد من المشاركين في اللقاء الدراسي بضرورة مراجعة قوانين الصحافة والنشر والمجلس الوطني للصحافة.
في هذا الصدد، أكد يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، أن المجلس وقف على عدم وضوح النص القانوني في ما يخص شروط الحصول على بطاقة الصحافة المهنية، لاسيما شرط الشهادة أو الدبلوم بالنسبة لطالب بطاقة الصحافة لأول مرة، إلى جانب صعوبة ضبط الوثائق المتعلقة بجذاذات المداخيل في ظل غياب معايير واضحة من الإدارات المختصة؛ إضافة إلى عدم التزام مجموعة من المقاولات الصحافية بالتصريح بالصحافيين الأجراء لديها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل منتظم، وكذا عدم احترام الحد الأدنى للأجور في مجال الصحافة وفق ما تنص عنه الاتفاقية الجماعية.
ولفت مجاهد إلى أنه رغم كل هذه الإكراهات فقد عمل المجلس على ضبط أكثر دقة للولوج إلى المهنة، من خلال اعتماد الصرامة في احترام الشروط القانونية، ووضع حدا أدنى للأجر، كما قام بالتنسيق مع إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتأكد من سلامة الوضع القانوني لطالب البطاقة، بالإضافة إلى تطوير تبادل المعطيات بخصوص الدبلومات مع الوزارات والإدارات المختصة.
من جهته، دعا عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلى ضرورة تحيين القوانين المنظمة للمهنة، وعلى رأسها مدونة الصحافة والنشر، وقانون الصحافي المهني، مع الأخذ بعين الاعتبار مقترحات النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
وأكد البقالي أن مقترحات النقابة تهدف إلى توسيع فضاءات حرية التعبير والصحافة والنشر، وإلى احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسائر العاملات والعاملين في هذا القطاع، بما يساعد على تجويد الخدمة الإعلامية الموجهة للمجتمع؛ وتعديل القانون بمثابة النظام الأساسي للصحافي المهني، والقانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة، بما يضمن تعريفا دقيقا للصحافي المهني وللمقاولة الصحافية، مع إضفاء القوة القانونية اللازمة للمجلس الوطني للصحافة، خصوصا في ما يتعلق بالقرارات التأديبية الصادرة عنه وبصلاحيات التحكيم الممنوحة إليه، وفي ما يخص أيضا العدالة التمثيلية، داعيا إلى زيادة عدد الصحافيين في عضوية المجلس الوطني للصحافة وإعطائه الصفة الاعتبارية القوية على غرار باقي مؤسسات الحكامة.
كما طالب المتحدث بضرورة الاهتمام بالأوضاع المادية والمهنية والاجتماعية للصحافيات والصحافيين؛ ولعل من مداخل ذلك تجويد النصوص القانونية المرتبطة بالحماية الاجتماعية، ليتم التنصيص بوضوح على أنها تشمل كل العاملين في قطاع الإعلام.
وفي هذا الإطار، نادى النقابي ذاته بربط الاستفادة من الدعم المالي العمومي بتطبيق الاتفاقية الجماعية الخاصة بالصحافيين، التي قدمت النقابة مشروعا متكاملا بشأنها للحكومة والتنظيمات المهنية للناشرين، وأضاف: “هنا وجب التفكير ليس في العاملين في المقاولات الإعلامية الخاصة والمؤسسات الإعلامية العمومية فقط، بل كذلك في الصحافيين ‘الفريلانس’، الذين يعيشون فضلا عن وضع الهشاشة صعوبات مرتبطة بمجال عملهم، إذ يحرم عديد منهم من تغطية فعاليات رسمية أو أحداث رياضية وفنية، أو ولوج مؤسسات بغرض أداء مهامهم الصحافية، فضلا عن مشاكل أخرى”.
بدوره، دعا نور الدين مفتاح، رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف، الناشرين إلى الوحدة في ما بينهم من أجل مخاطبة الحكومة بصوت واحد.
واعتبر مفتاح أنه لم يكن من مبرر لتمديد مدة انتداب المجلس الوطني للصحافة لمدة ستة أشهر إضافية، بل كان ينبغي أن تراسل الإدارة الهيئة المعنية بالإشراف على الانتخابات طبقا للقانون وتنظيمها، منبها إلى أن الوقت غير كاف لمناقشة مراجعة جميع قوانين الصحافة والنشر قبل تنظيم انتخابات المجلس الوطني، ومشيرا إلى أن الحوار حول تعديل هذه القوانين استمر سنوات في المرحلة السابقة.
من جانبه، قال إدريس شحتان، رئيس الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين: “إن القانون الحالي يعاني من ضعف التأطير القانوني لنظام المعايير الخاصة بإنشاء المقاولات، حيث يمكن لأي كان أن يخلق مقاولة على الورق، دون الخضوع لدفتر تحملات إداري ومالي وضريبي وبشري ولوجيستيكي، ما يستدعي وضع قواعد للشركة المستثمرة في الصحافة، وإرساء نظام لتشجيع إنشاء مقاولات قوية قادرة على احترام حقوق العاملين وعلى تقديم منتج جيد”.
وأضاف شحتان: “يسمح النظام الحالي لمقاولات الصحافة بخلق منشأة صحافية من شخص واحد، سواء كشركة محدودة أو مقاول ذاتي، في غياب أي تحملات على مستوى الموارد المالية المخصصة لهذه المقاولة، والمقر، واللوجيستيك، ناهيك عن غياب إدارة وموارد بشرية، وغيرها من مقومات المنشأة الصحافية، لهذا نطالب بإلغاء نظام الملاءمة”.
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث ذاته أن النظام الانتخابي الحالي للمجلس الوطني للصحافة يتضمن عدة ثغرات تفرِغ شعار الديمقراطية من محتواه، فهو نظام واضح، كما أنه مختلط العضوية بين المنتخب والمنتدب، بالإضافة إلى ما يشوبه من حشو، مثل نظام انخراط المقاولات في المجلس، وهو نظام منقول عن مجالس تؤسس من طرف هيئات، وليس على قاعدة الانتخاب.
مقابل ذلك، دعا شحتان إلى تشكيل المجلس الوطني للصحافة بناء على قاعدة التوافق بين الهيئات الأكثر تمثيلية للمهنيين في انتداب الأعضاء وليس الانتخاب، في انفتاح على مؤسسات دستورية وعلى المجتمع المدني.