دراسة عالمية تكشف “فجوة جندرية كبيرة” في مسؤوليات قيادة وتسيير وسائل الإعلام

خلصت جلسة نقاش وعمل عُقدت ضمن فعاليات اليوم الثاني من “المنتدى العالمي للنساء الإفريقيات في الإعلام”، المنظمة أشغاله بفاس إلى غاية مساء اليوم الجمعة، إلى أن تمثيلية النساء في مراكز المسؤولية التحريرية أو التسيير في وسائل الإعلام العالمية تظل “دون المستوى المأمول”، مع تفاوت واضح بين القارات والبلدان.
وأظهرت نتائج دراسة عالمية أنجزت عام 2022 بـ17 دولة من قارات ومناطق مختلفة وجود “فجوة جندرية كبيرة” بين الجنسين داخل أعلى مستويات السلطة والتسيير في وسائل الإعلام.
الجلسة النقاشية، التي انعقدت تحت عنوان “العمل الجماعي من أجل ضمان التمثيلية النسائية في وسائل الإعلام”، عرفت مشاركة وحضور ممثلين وصحافيين من 12 بلدا إفريقيا، وتخللتها ست مداخلات؛ ركزت أبرزها على مناقشة مدى انعكاس التمثلات النسائية في الإعلام على مستوى متقدم من التسيير الإداري والتحريري لنون النسوة داخل المؤسسات الإعلامية، من خلال نقاش خلاصات دراسة عالمية أجريت في 2022.
وفي مداخلة تمحورت حول “الممارسة الإعلامية والتمثلات البصرية في وسائل الإعلام”، لاسيما الإفريقية منها، استُعرضت الدراسة سالفة الذكر من طرف فرح وائل، مديرة رئيسة البحوث و”الديجيتال”، في برنامج “النساء في الأخبار” Women in News، التابع لمنظمة “WAN-IFRA”؛ وهي مؤسسة عالمية للصحف وناشري الأخبار.
وتركز الدراسة، حسب ما أوضحته المتحدثة، على “الوضع الذي تحتله المرأة في سلّم الإدارة وتسيير المؤسسات الإعلامية، وكذا مكانتها وحضورها في الأخبار والمضامين الإخبارية المنشورة”، كاشفة أن “النساء يمثلن حوالي 10 في المائة، فقط من المناصب الإدارية من حيث مسؤوليات التسيير، مقابل 31 في المائة من المناصب الإدارية ذات المسؤولية التحريرية”.
وأضافت المسؤولة في برنامج “النساء في الأخبار” أن “رصد القيادات النسائية” أبان بشكل لا يدع أي مجال للشك عن “اختلافات كبيرة في إدماج النساء داخل مؤسسات الإعلام حسب المناطق بالعالم العربي ودول إفريقيا”، لافتة إلى أن “مكانة النساء في المنتج الإعلامي المنشور تتراوح بين موقع اتخاذ القرار وموقع التحرير”.
وخلصت المسؤولة عن الأبحاث ذاتها إلى أن “النِّسَب القليلة للحضور التحريري والمؤسساتي في المسؤوليات داخل غرف الأخبار العالمية تؤثر على وجود النساء في الأخبار والمحتوى الذي يتم إنتاجه بدوره من داخل هذه المؤسسات”.
أول دراسة معيارية
وحللت الرابطة العالمية للصحف وناشري الأخبار، ضمن برنامج “النساء في الأخبار”، بيانات توصلت بها من 192 جريدة ومؤسسة إعلامية داخل 17 بلداً حول العالم ومن إفريقيا والعالم العربي وجنوب شرق آسيا، عملت فيها على توثيق من يشغل أعلى منصب تحريري وأعلى منصب تجاري في كل شركة، حسب نوع الجنس. بينما جرى انتقاء المؤسسات استناداً إلى حجمها وجمهورها؛ كما أنها “أول دراسة معيارية سنوية يُخطَّط لها لمتابعة التغير”.
ومن خلال لفت الانتباه إلى هذا الخلل، تهدف الدراسة، حسب مُعدّيها، إلى ‘تشجيع وسائل الإعلام على النظر في شؤونها الداخلية بخصوص الكيفية التي يمكن بها “كسر التحيز”.
وبخصوص الاتجاهات العالمية، أكدت البيانات المحصلة نتائج خلصت إليها دراسة أصدرها معهد رويترز لمتابعة النساء في المناصب التحريرية العليا في أهم المنافذ الإخبارية المتصلة وغير المتصلة بالإنترنت في 12 دولة (تطابقت أبحاث النساء في الأخبار مع أبحاث رويترز في سوق واحدة)، وبينت أن النساء يشغلن 26% فقط من المناصب التحريرية العليا في 28 بلداً شملها الاستطلاع.
واستند التحدید إلى واحد أو أكثر من العوامل التالیة: “الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أرقام التوزیع، عدد الموظفین، شمول وجھات النظر السیاسیة، تنوع الوسیلة الإعلامیة (الطباعة، عبر الإنترنت، البث)، المنافذ ذات الصلة الأخرى مثل المنظمات غیر الحكومیة”.
“سلطة ضعيفة” عربيا وإفريقياً
أما في القارة الإفريقية فبلغت النسبة المئوية للقيادات المؤسسية النسائية 9 بالمائة فقط، مقابل حضور للقيادات النسائية التحريرية بـ33 في المائة؛ في حين تبلغ النسبة الأولى في المنطقة العربية 7 بالمائة مقابل 22 بالمائة من القيادات التحريرية النسائية.
من جانبه، ثمّن محمد مبتسم، مدير مركز دراسات الدكتوراه في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، غنى وخلاصات النقاش والأشغال التي أدارها في الجلسة، مشيرا إلى أن “التمثلات النسائية في مختلف المنابر الإعلامية تختلف بالنظر إلى تعدُّد حواملها ووسائل نشرها بين المكتوب والمسموع والمرئي”.
وأكد الجامعي ذاته، في تصريح لهسبريس على هامش الجلسة، أن “الهدف من جلسة النقاش وما ميّزها هو تبادل الخبرات وتقاسم الدراسات التي تم إنجازها على صعيد أكاديمي أو مراكز بحثية عالمية، في ظل حضور إفريقي متميّز”، لافتا إلى أن “التركيز انصبّ على الجوانب الإيجابية أكثر من المظاهر السلبية للموضوع”.
وختم مبتسم بالقول إن الدراسات المقدمة، لاسيما دراسة “النساء في الأخبار”، عززت توصية “ضرورة توحيد الجهود والممارسات بهدف العمل على تقليص الفوارق بين كل المتدخلين من الإعلاميين والإعلاميات”.
يشار إلى أن أشغال الجلسة أوصت، ضمن أبرز الخلاصات، بـ”هيكلة وتشكيل فريق عمل سيعمل، من خلال هذه الدورة من المنتدى، على توحيد آليات الاشتغال من أجل رصد الفوارق التي تميز العاملين بالقطاع الإعلامي، لاسيما مشروع منصة رقمية تشتغل بتقنية الذكاء الاصطناعي لرصد المقالات والمضامين الإعلامية التي تتضمن هفوات أو تمييزا ضد النساء”.